الصفحة الرئيسية

الكتب والمؤلفات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الكتب والمؤلفات PDF (9)
  • عرفان آل محمد (ع) (17)
  • الإلحاد في مهب الريح (12)
  • قبسات الهدى (14)
  • الثالوث والكتب السماوية (6)
  • الثالوث صليب العقل (8)
  • أنوار الإمامة (6)
  • الوديعة المقهورة (6)

المقالات والأبحاث :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التوحيد والعدل (13)
  • سيد الأنبياء محمد ص (13)
  • الإمامة والأئمة (28)
  • الإمام عين الحياة (16)
  • أمير المؤمنين عليه السلام (24)
  • السيدة الزهراء عليها السلام (48)
  • سيد الشهداء عليه السلام (47)
  • الإمام المنتظر عليه السلام (9)
  • لماذا صرتُ شيعياً؟ (7)
  • العلم والعلماء (15)
  • الأسرة والمرأة (8)
  • مقالات اجتماعية (19)
  • مقالات عامة ومتنوعة (58)
  • الموت والقيامة (24)

إتصل بنا

أرشيف المواضيع

البحث :




جديد الموقع :


 شَهيدُ الهُدى.. الحُسَينُ بنُ عَليّ (عليه السلام)
 287. الإمام الجواد.. والشيعة في زمن الغيبة!
 286. هَل يُغلَبُ رُسُلُ الله وحِزبُه؟!
 285. هل أراد الله بنا (شرَّاً) فحَجَبَ عنَّا (النَّصر)؟!
 284. لن يُمحَقَ دينُ محمد (ص)!
 283. ما حُكمُ (الجِهَادِ) في أيامنا؟!
 282. الجواد.. إمامٌ يعلمُ ما في النفوس!
 281. ما من خالقٍ.. إلا الله!
 280. هل بينك وبين الله قرابة؟!
 279. المَهديُّ إمامٌ.. تبكيه العيون!

مواضيع متنوعة :


 150. ابن السوداء.. يُخرِجُ الزَّهراء !
 فصل5: الإعلانُ الإلهيّ حول الثالوث
 115. موائد النور.. لزوار الحسين !
 78. عليٌّ.. مُعجِزَةُ الرَّسول !
 162. بعليٍّ والكتاب.. تحيا القلوب!
 254. كُلُّ البَرَكة.. في عزاء الحسين!
 167. شيطانٌ.. في رِكَاب السُّلطان!
 276. العَينُ حَقٌّ.. فلا تأمنها على نفسك!
 246. دُمُوعٌ.. في الطفوف!
 184. الحسين بن علي.. وحَمامُ الحَرَم!

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2
  • الأقسام الفرعية : 22
  • عدد المواضيع : 356
  • التصفحات : 694891
  • التاريخ :



















  • القسم الرئيسي : الكتب والمؤلفات .
        • القسم الفرعي : قبسات الهدى .
              • الموضوع : مقال7: شريعتي وتكامل النبيّ الأميّ! .

مقال7: شريعتي وتكامل النبيّ الأميّ!

مقال7: شريعتي وتكامل النبيّ الأميّ!

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

بعدما تعرضنا لمفهوم العصمة الذي يلتزم به الدكتور شريعتي وما يعتقده من كثرة أخطاء النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم)، تصل النوبة إلى ما يعدّه (تكاملاً) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولأهمية الموضوع نعرض جملة من كلماته لكي يتضح مراده منها، ومن ذلك قوله:

الشخص المسلم قد يقبل التكامل في كل شيء إلا التكامل على شخص النبي، إذ لا نقص في النبي -في نظر المسلم- حتى يكمل.

إن عوام المسلمين يذهبون في تصوراتهم عن النبي إلى مستوى اعتقادهم بأنه يتقن كل اللغات ويطلع على جميع الأسرار ويحيط بالعلوم كافة، فأي مجال للتكامل بعد ذلك؟

توجد روايات وأحاديث حول خلقة النبي تتضمن التصريح بأن نور النبي قد خلق قبل خلق العالم ومن ثم خلق العالم وخلق آدم فحل فيه النور المحمدي.

وفي ضوء ذلك فإن خلق محمد كان فعلاً إعجازياً خارج إطار المادة وقوانينها.

هذا في حال أن صورة محمد في القرآن تختلف كثيراً، فهو إنسان يجدّ ويجتهد دائماً ليصبح أكثر كمالاً وفضلاً.

والقرآن نفسه يحث النبي على تكرار الدعاء التالي (وقل رب زدني علماً) ويفهم من ذلك -ضمنياً- أن قانون التطور المعنوي العلمي صادق حتى في حق النبي، فهو أيضاً في حالة تكامل وتطور، بل أن التكامل والازدياد هي أعظم نعمة يطلبها النبي من ربه(2).

وهو هنا ينسب لـ(عوام المسلمين) ما يعتقد به الشيعة خاصة، فإن إحاطة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بجميع العلوم وإتقانه لكل اللغات وغيرها من مصاديق الكمال مما يعتقد به الشيعة دون غيرهم، فمخالفوهم يعتقدون بجهل النبي بكثير من المسائل بل بخطئه في موارد كثيرة كروايات تأبير النخل التي طفحت بها كتبهم، ويؤمنون بأن الناس كانوا أعلم منه (صلى الله عليه وآله وسلم) في إدارة شؤون حياتهم خارج نطاق الشريعة، بل قدموا قول غيره على قوله حتى في أمور الشريعة!

والمهم في الأمر هو إنكاره الاعتقاد بنفي النقص عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهو يعتقد أن النبي يمر كغيره من البشر بمراحل التكامل التي تكون مسبوقة بالنقص.

ثم يقول في مورد آخر:

ما أوردته هنا تحليل نفسي لشخصية محمد من منظار علم الاجتماع، وإذا لم يكن هذا التحليل منسجماً مع الحقيقة فلأن تفاصيل حياة محمد وسيرته لا يمكن إخضاعها جميعاً لقوانين علم الاجتماع وضوابط علم النفس، ولا يمكن حشرها في قوالب علمية متعارفة...

أن محاولة تضخيم شخصية محمد قبل البعثة وإضفاء طابع غيبي خارق للعادة عليها تفضي إلى إضعاف مكانته في نفوس أناس آمنوا بمحمد عبر التحقيق لا عبر التقليد، وبعكس ذلك لو أضفينا طابعاً بشرياً على تلك الشخصية فإننا بذلك سوف نظهر البعد الإعجازي للرسالة وحجم الدور الذي لعبته يد الغيب في تنشئة محمد وإعداده لتحمل رسالته الكبرى.

علينا أن نجعل القرآن هو المعيار في معرفة محمد بدلاً من الاسرائيليات والإيرانيات والهنديات والعنديات. ولنفهم عظمة محمد في كونه رسول الله والقائد الإنساني الكبير، لا في أنه حين يمشي ليس له ظلّ! لندرك إعجاز الرجل في أنه أمّي لا يعرف القراءة والكتابة ومع ذاك فآيته الكتاب! لا أن نقول إنه كان يعرف القراءة والكتابة ولكنه لم يكن يقرأ ولا يكتب ولو كان يبغي ذلك لفعل! تلك - لعمري - مشكلة (الرفقة مع الدبّ)!! ولو لم يكن لمحمد أصدقاء جهلة كهؤلاء لآمن به كل أعدائه الحكماء(3)..

وهكذا يصرح مراراً بجهل النبي للقراءة والكتابة، كما في قوله:

نبي معجزته الكتاب.. وهو بنفسه محروم من نعمة القدرة على القراءة والكتابة، وهذا بعينه معجزة! معجزة كبرى مذهلة وخالدة(4).

ويظهر أنه قد وقع في عدة مغالطات هنا:

أولاً: إن تضخيم شخصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل البعثة لا يؤدي إلى إضعاف مكانته في نفوس أحد حتى (المحققين) من الناس، ذلك أن الجهة الغيبية قد ظهرت جلية في من سبقه من الأنبياء، ومنهم على سبيل المثال عيسى (عليه السلام) الذي يتبعه أغلب (المحققين) الذين تتلمذ عليهم الدكتور شريعتي، فهو قد ولد في حالة إعجازية من دون أب.

قال تعالى عن لسان مريم ÷: ﴿قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً﴾(5).

 ثم لما ناداها قبل أن يرى أحداً من الخلق ﴿فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً﴾(6)، إلى أن يخاطب القوم بقوله بعد قولهم: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المهْدِ صَبِيّاً *  قَالَ إِنِّي عَبْدُ الله آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً(7).

بل على العكس من ذلك، فإن الإعتقاد بمكانته الرفيعة قبل البعثة الشريفة عاملٌ مساعدٌ على تصديقه، ودافعٌ لكل محاولةٍ لتكذيبه وإسقاطه، نظير كونه صادقاً أميناً منذ ولادته فإن هذا أدعى لتصديقه ممن يكون كاذباً خَؤوناً ثم يدّعي النبوة!

ثم إنه ليس في شيء مما يعتقد به الشيعة ما يعد تضخيماً لشخصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع اعتقادهم بأن مكانته الرفيعة لا يمكن لأحد أن يصل إليها بل ولا أن يدركها، وهو القائل لعلي (عليه السلام): ما عرفني إلا الله وأنت(8). 

ثانياً: أن في كلامه تناقضٌ غير مبرّر، فهو حين يرفض (إضفاء طابع غيبي خارق للعادة) على حياة النبي قبل البعثة يعود ويقر أن الغرض من ذلك إظهار (حجم الدور الذي لعبته يد الغيب في تنشئة محمد وإعداده)، فهو حين ينكر جانباً من البعد الغيبي يكون غرضه إثبات جانب آخر منه!!

وليس الغيب لعبة في يد الدكتور شريعتي ولا الإرادة الإلهية الغيبية مسرحاً لرغباته واستحساناته في أن هذا المورد مما يتناسب أن تتدخل به يد الغيب وهذا مما لا يناسب تدخلها به.

غاية الأمر أن (قصوره) عن إدراك الحكمة في (البعد الغيبي) الأول منعه من فهمه، بينما (تفهّمه) للبعد الغيبي الثاني جعله متقبلاً له.

فهل من الإنصاف اعتبار مستوى فهم الدكتور شريعتي ميزاناً لما يمكن قبوله من الغيبيات أو ما لا يمكن قبوله؟!

ثالثاً: إن اعتباره القول بمعرفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للقراءة والكتابة جهلاً! وتصرفاً كالدب الذي ضرب رأس صديقه لما استقرت عليه الذبابة، ومانعاً من إيمان الحكماء بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو قول بعيد كل البعد عن الإنصاف.. وذلك من جهات:

أ. أن إعجاز الكتاب العزيز (لا يتوقف) على أن يكون النبي غير قادر على الكتابة، بل لا علاقة للإعجاز بجهل النبي القراءة والكتابة!

كيف وقد تحدى الله في آياته (الإنس والجن) على أن يأتوا بمثله بل بعَشر آيات منه؟! وفيهم الفصحاء والبلغاء والمتكلمون والكُتَّاب..

 إن وجه الإعجاز في الكتاب هو تفوّقه على قدرات البشر بحيث (يعجز) هؤلاء عن الإتيان بمثله، وليس في عدم قدرة النبي على الكتابة!!

نعم عدم ممارسة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للكتابة أمام الناس قبل نزول الكتاب هو عامل مؤكد للمعجزة أمام الجهلة منهم لا أمام أهل العلم والحكمة الذين تحدث عنهم الدكتور شريعتي، فإن هؤلاء يقرون بتفوّق القرآن على كل فعل بشري سواء كان النبيّ ممارساً للقراءة أمامهم أم غير ممارس، أي أن الحكمة هي لدفع توهم بعض المتوهمين من غير أهل الفهم والتحقيق والتدقيق، والشاهد على ذلك قوله تعالى: ﴿إِذاً لاَرْتابَ المبْطِلُونَ﴾(9).

ب. أن القراءة والكتابة هي نوعُ كمالٍ في الجنس البشريّ، وقد أقرّ الدكتور شريعتي في كتاباته بأن نزول آيات (إقرأ) في بداية الدعوة يثير الغرابة فعلاً في مجتمع لم يكن عدد من يقرأ فيه ويكتب إلا محدوداً.. فلا نعرف كيف يرضى الدكتور شريعتي ومن تقدم عليه أو تأخر عنه ممن تبنى هذا الرأي كيف رضوا بأن يسلبوا هذا الكمال عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويثبتوه لأنفسهم وأولادهم الصغار وبعض الكتبة في ذلك الزمن؟!

ألا يرون أنهم أصبحوا في هذا أفضل من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولو في هذا الجانب؟ ألا يرون أن (الاقتداء المطلق) و(التبعية المطلقة) التي أوجبها الله تعالى على كافة الخلق يتوقف على (الأفضلية المطلقة) له (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

ج. أن ما ذهب إليه ليس له شاهد في كتاب الله ولا في السنة الشريفة، فإن ما استشهد به(10)، وهو قوله تعالى ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ المبْطِلُونَ﴾(11)، لا ينفي عنه علم القراءة والكتابة، بل ينفي ممارسته لهما، فالآية قالت (ما كنت تتلو) ولم تقل (ما كنت تعرف التلاوة)..

أي أن الآية نفت أنه مارس فعل القراءة والكتابة من قبل، ولم تنف قدرته على ذلك، وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتعلم القراءة والكتابة عند أحد لا قبل البعثة ولا بعدها.. لكنه كان عالماً بذلك بتعليم من الله عز وجل..

د. أن النصوص المباركة (فضلاً عن الأدلة العقلية التامة) قد دلّت أيضاً على معرفته (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك، ومن ذلك ما يرويه الصدوق في الخبر الصحيح:

أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن عبد الله محمد بن خالد البرقي عن جعفر بن محمد الصوفي قال: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرِّضَا (عليهما السلام) فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ الله لِمَ سُمِّيَ النَّبِيُّ الْأُمِّيَّ؟

فَقَالَ: مَا يَقُولُ النَّاسُ؟

قُلْتُ: يَزْعُمُونَ أَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ الْأُمِّيَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَكْتُبَ.

فَقَالَ (عليه السلام): كَذَبُوا عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله، أَنَّى ذَلِكَ وَالله يَقُولُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الحكْمَةَ﴾ فَكَيْفَ كَانَ‏ يُعَلِّمُهُمْ مَا لَا يُحْسِنُ.

وَالله لَقَدْ كَانَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يَقْرَأُ وَيَكْتُبُ بِاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ أَوْ قَالَ بِثَلَاثَةٍ وَسَبْعِينَ لِسَاناً وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْأُمِّيَّ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَكَّةُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْقُرَى وَذَلِكَ قَوْلُ الله عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى‏ وَ مَنْ حَوْلَها﴾ (12).

والدكتور شريعتي ممّن يقر بأن ليس للفظ (أميّ) ارتباط بالجهل، بل يذهب الى صلته بلفظي (الأمة والإمامة) لا بالأميّة، قال:

أتصور أن كلمة (أميّ) -صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) البارزة والإيجابية- تتحد في الأصل مع الكلمتين أعلاه(13).

وكرره بقوله:

التفتُّ إلى أن الإمامة والأمة من جذر واحد، بل -في اعتقادي- صفة (الأمي) تنتمي إلى نفس الأصل أيضاً(14).

إلا أنه عاد في مورد آخر واستدل بنفس هذه الكلمة على أن النبي لم يكن يعرف القراءة والكتابة بتقريب قال فيه:

الأميّ صفة للنبي، اختلفوا في معناها فقال بعضٌ إنها مشتقة من أم القرى إسم مكة وأمي يعني انه مكي، وقال آخرون (وهم الأكثر) الأمي يعني من لا يقرأ ولا يكتب...

إلا أني أعتقد أن كلمة (أمي) تعني من انبثق من بين الأمة وعامة الناس..

وهذا المعنى يحمل ضمناً معنى عدم القراءة والكتابة، لأن التعلم كان من مميزات الطبقات الراقية كما يطلق اليوم لفظ العوام على عامة الناس بمعنى انهم غير متعلمين ودارسين(15).

وجوابه قد اتضح مما سبق.. فنحن لا نلتزم بأنه كان عالماً بتعليم من أحد، بل بتعليم من الله تعالى.

على أن قوله: (وعدم القراءة لا تعني نقصاً في الرسول بل إنها فضيلة)(16) لا يعفيه من الإشكال، فإنه نظير من لا يعتقد بعدالة الله ولا يرى في ذلك نقصاً! ومن لا يعتقد بالعصمة ولا يرى في ذلك نقصاً!

ولا يجد القارئ غرابة في مثل هذه النتائج التي يتوصل إليها طالما أنه يعتمد على مثل صحيحي البخاري ومسلم وأضرابهما في تكوين الهوية الفكرية وتحديد المنظومة المعرفية، فيقول:

أما (إقرأ) فهي رسالة لم تكن عادية.. بل إنما هي آيات كتبت على حرير أو نور تظهر أمام عينيه ويقول له (إقرأ)، فيقول له: لا أستطيع القراءة!

يضغط على حنجرته بحيث يحسّ بالموت آنذاك ثم يقول: لا أستطيع القراءة!

بعد أن يرتاح يقول له الوحي: إقرأ، مرة أخرى، وكذلك يضغط مرة أخرى على حنجرته ويحسّ بالموت ولكنه يقول: لا أستطيع القراءة!

وإلى المرة الثالثة، يستطيع القراءة! ومن هنا تبدأ دورة القراءة في التاريخ ويدخل الإنسان المرحلة الذهنية والتعليم الفكرية، وطبعاً إن رائد هذه الدورة وهذه النهضة الفكرية هو نفسه رجل أمي لا يستطيع القراءة ولا الكتابة(17)..

وتكون النتيجة أن النبي كان غارقاً في بحار من الجهل!

يجهل أنه نبي سيوحى إليه فيما يعرف ذلك الرهبان!

ويجهل طبيعة وحقيقة كلام جبرائيل!

ويجهل القراءة والكتابة!

كل هذا لأنه قال: ﴿رَبِّ زِدْني‏ عِلْماً﴾!(18).

وغفل عن كل الوجوه التي يمكن الاستعانة بها لفهم قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

من أن الدعاء نوع تضرع وتذلل ولا يعني فقدان العلم كما أن طلب النبي للمغفرة لا يعني عصيانه!

ومن أن النبي في مقام التعليم للأمة!

ومن أن القرآن نزل بلسان: إياك أعني واسمعي يا جارة!

ومن أنّه على فرضّ التنزل والقول بزيادة علم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن الزيادة لا تشمل شيئاً من علوم الدين والشريعة والحياة وما يحتاج إليه النبي في أمور الدنيا والدين وما تحتاجه الأمة من النبي، بل يختص حينها بمقاماتٍ رفيعة سامية لا تعرف حقيقتها بينه وبين ربه عزّ وجل.

وغيرها من الوجوه التي نترك التفصيل فيها لمحله(19).

وإلا فإنّ القول بجهله شيئاً مما يحتاجه أو تحتاجه الأمة يعني احتياج الإمام المطلق للمأموم! أي احتياج حجّة الله التامة إلى من يحتجُّ عليهم! وتفوُّقهم عليه وتقدّمهم في الفضل كلٌّ في مجاله.. وهذا محالٌ ممتنعٌ بحسب عقيدة الشيعة أعزهم الله.

 


(1) نشر المقال في 10-10-2015.

(2) معرفة الإسلام ص121.

(3) معرفة الإسلام ص255 هامش1.

(4) معرفة الإسلام ص305.

(5) مريم 20.

(6) مريم 24.

(7) مريم 29-30.

(8) مختصر البصائر ص336.

(9) العنكبوت 48.

(10) في كتابه أبي وأمي نحن متهمون ص122، وكتابه تاريخ ومعرفة الأديان ص478.

(11) العنكبوت 48.

(12) علل الشرائع ج1 ص125.

(13) الأمة والإمامة ص40.

(14) الأمة والإمامة ص 45.

(15) الحسين وارث آدم ص191 هامش2.

(16) تاريخ ومعرفة الأديان ص595.

(17) تاريخ ومعرفة الأديان ص480.

(18) طه 114.

(19) في سلسلة أبحاث حول معنى الزيادة في علم النبي والإمام، تنشر في مطبوعات لاحقة ان شاء الله.

بقلم: الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2022/07/26  | |  القرّاء : 1569



للإنضمام إلى قناة العلم والإيمان (أنقر على الرمز الخاص) ->
| تلغرام | واتساب | يوتيوب | فيسبوك | انستغرام |


كتابة تعليق لموضوع : مقال7: شريعتي وتكامل النبيّ الأميّ!
الإسم * :
الدولة * :
بريدك الالكتروني * :
عنوان التعليق * :
نص التعليق * :
 

تصميم، برمجة وإستضافة :
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net