الصفحة الرئيسية

الكتب والمؤلفات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الكتب والمؤلفات PDF (9)
  • عرفان آل محمد (ع) (17)
  • الإلحاد في مهب الريح (12)
  • قبسات الهدى (14)
  • الثالوث والكتب السماوية (6)
  • الثالوث صليب العقل (8)
  • أنوار الإمامة (6)
  • الوديعة المقهورة (6)

المقالات والأبحاث :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التوحيد والعدل (13)
  • سيد الأنبياء محمد ص (13)
  • الإمامة والأئمة (28)
  • الإمام عين الحياة (16)
  • أمير المؤمنين عليه السلام (24)
  • السيدة الزهراء عليها السلام (48)
  • سيد الشهداء عليه السلام (47)
  • الإمام المنتظر عليه السلام (9)
  • لماذا صرتُ شيعياً؟ (7)
  • العلم والعلماء (15)
  • الأسرة والمرأة (8)
  • مقالات اجتماعية (19)
  • مقالات عامة ومتنوعة (58)
  • الموت والقيامة (24)

إتصل بنا

أرشيف المواضيع

البحث :




جديد الموقع :


 شَهيدُ الهُدى.. الحُسَينُ بنُ عَليّ (عليه السلام)
 287. الإمام الجواد.. والشيعة في زمن الغيبة!
 286. هَل يُغلَبُ رُسُلُ الله وحِزبُه؟!
 285. هل أراد الله بنا (شرَّاً) فحَجَبَ عنَّا (النَّصر)؟!
 284. لن يُمحَقَ دينُ محمد (ص)!
 283. ما حُكمُ (الجِهَادِ) في أيامنا؟!
 282. الجواد.. إمامٌ يعلمُ ما في النفوس!
 281. ما من خالقٍ.. إلا الله!
 280. هل بينك وبين الله قرابة؟!
 279. المَهديُّ إمامٌ.. تبكيه العيون!

مواضيع متنوعة :


 عودٌ على بدء: ثمرة الكتاب
 146. يوم أرادوا.. إحراق فاطمة!
 127. فاطمةُ المَعصُومة.. قَبَسٌ من نُورِ الزَّهراء !
 258. الإمام.. وبيت الرأفة
 261. قَتلُ النِّساء والأطفال.. سُنَّةٌ يهوديةٌ قَذِرَة!
 134. الزَّهراء.. وحُكمُ الجاهليَّة!
 106. لماذا يبكي الشيعةُ الحسين ؟!
 80. ليلة القدر.. ليلة (آل محمد) !
 37. الدِّينُ أوسَعُ من ذلك!
 135. سُحقاً سُحقاً.. لِمَن ظَلَمَ الزَّهراء !

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2
  • الأقسام الفرعية : 22
  • عدد المواضيع : 356
  • التصفحات : 694676
  • التاريخ :



















  • القسم الرئيسي : الكتب والمؤلفات .
        • القسم الفرعي : أنوار الإمامة .
              • الموضوع : الفصل الثالث: الإمامة والأحاديث الموضوعة .

الفصل الثالث: الإمامة والأحاديث الموضوعة

الفصل الثالث: الإمامة والأحاديث الموضوعة

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

كان البحث في أنه طِبقَ النصِّ الصحيح سنداً، فإن علياً (عليه السلام) من خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله وسلم)، وخاتم النبيين (صلى الله عليه وآله وسلم) من علي بن أبي طالب (عليه السلام).

وهاتان الجملتان بضميمة النصوص الواردة في علمه (عليه السلام) حيّرت علماء العامّة وصارت معضلة عندهم.

وإن كان دار الحكمة هو خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)، وباب تلك الدار علي المرتضى (عليه السلام)، فلا يبقى للآخرين محلٌّ من الإعراب!

ثم لما عجزوا ناقشوا أولاً في صدور هذا الحديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)، لكنَّهم فُضِحُوا لّما وجدوا كلمات أمثال ابن عباس، مِن أنَّ عِلمَهُ وعلم كلّ علماء العالم مقابل عِلمِ عليٍّ كقطرةٍ في بحر، ووجدوا أن صدور الحديث غير قابلٍ للإنكار، وضعوا واخترعوا للآخرين مضمونَ ما في صحيح البخاري.

فوضعوا مثلاً روايةً عن الثاني: هو مني وأنا منه، إذ أرادوا أن يكسروا صولة هذا المقام.

ومِنَ العجائب أنهم اتفقوا على تخطئة هذه الرواية بعد ذلك، حتى الذهبيّ مع تعصُّبه التزم ببطلان هذه الرواية (عُمَر مني وأنا من عُمَر)!

1. أصحابي كالنجوم

ولّما عجزوا من كلّ الجهات، أرادوا أن يواجهوا حديث باب الحكمة وباب مدينة العلم، فاخترعوا هذه الرواية: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُم‏.

فليس أمرُ الهداية محصوراً بعليٍّ (عليه السلام)، وههنا الهَذَيَان، وليُدَقِّق أهلُ الفضل جيّداً في هذه الحقائق.

إذا كان العلم والحكمة قوياً فليس للعالَم أيُّ خيارٍ مقابل المنطق والبرهان القاطع، وإذا سمح الوقت سنُثبِتُ اليوم للمذاهب الأربعة بطلان هذه الرواية (أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ..‏) بحكم القرآن وبحكم العقل القطعيّ.

إنّ شرط صحة الحديث عند الكلّ أمران:

أحدهما: أن لا يكون الحديث مخالفاً لحكم العقل القطعيّ، لأنّ الحجة بالدرجة الأولى هي العقل.

ثانيهما: أن لا يكون مخالفاً لِنَصِّ القرآن الكريم، فإنّ السنّة المخالفة لكتاب الله من (أبطل الأباطيل).

مخالفة الحديث لموازين العقل

أما الأمر الأول: فإنّ هذا الحديث مخالفٌ لجميع الموازين العقلية، بأيِّ دليل؟

الدليل الأول: أنَّ لازم صدور هذا الحديث بطلانه! واستحالة عدم الشيء من وجوده من أبْدَه البديهيّات في البطلان.

بُرهان ذلك: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُم‏: وقد نقلوا جميعاً بالاتفاق أنّ عُمَر نفسه قال: كلّ الناس أفقه مني حتى المخدرات في الحجال. وقد قال هذه القضية عندما أعلن على منبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ أحداً لو جعل مهر زوجته أكثر من مهر زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإني سآخذ ما زاد منه، وأجابته امرأةٌ من خلف الستار وقالت: أنسمع كلامك أم كلام الله؟

هذه القضية المنفصلة على سبيل منع الخلو: امرأةٌ من خلف الحجاب تحاججه بأنك تريد إرجاع المهر الزائد عن مهر زوجات الرسول، والله تعالى أنزل في نص القرآن الكريم: ﴿وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً﴾(2).

أنت تقول سآخذه، والله يقول: ﴿فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً﴾، فهل نتّبعك أم نتبع كلام الله تعالى؟

والجمع بين الأمرين محالٌ، فيدور الأمر بين أحد الأمرين، فماذا تقول؟

ههنا عندما عجز قال: كلُّ الناس أفقه مني حتى النساء في الحجال.

إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُم‏، فإمّا أن هذا الحديث صحيحٌ أو أنّه غير صحيح، إمّا حقٌ وإمّا باطل.

فإن كان حقاً تكون كلمات عمر هدايةٌ بمقتضى هذا الحديث، وإن كان كذلك فالنتيجة والعياذ بالله بطلان القرآن!

هل لكلّ الدنيا قدرة الجواب على هذا؟!

فقد قام البرهان القاطع أنَّ مثل هذا الكلام لم يصدر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبداً.

إنَّ علم وحكمة هذا المذهب قد صار وراء الحُجُب بسبب جهلنا!

وبِنَصِّ صحيح مسلم نُبَيِّن أنّ لهذه المطالب شاهدٌ قطعيٌّ في كل موردٍ على حقانية مذهب الشيعة وبطلان المخالفين، ونحن استفدنا من هذه الروايات، ونُثبِتُ اليوم بطلان هذه الرواية التي وضعوها مقابل: أَنَا دَارُ الحِكْمَةِ، وَعَلِيٌّ بَابُهَا، واعترفوا كلُّهم بها.

متن صحيح مسلم، وهو حُجَّةٌ قطعيّة عند الكلّ، هو أنّه عندما لم يكن عند الثاني ماءٌ لم يكن يصلي عند جنابته! وكان يقول للناس أيضاً لا تصلوا عند فقدان الماء! فإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُم‏، فلازم ذلك أن يكون قول ابن الخطاب هداية بنصّ صحيح مسلم!

ونَصُّ القرآن من جهةٍ أخرى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيِّباً﴾.

الكتاب والسنة قائمٌ على بدليّة التيمم عن الوضوء وعن الغسل، وأنّ التراب أحد الطهورين: يَا أَبَا ذَرٍّ يَكْفِيكَ الصَّعِيدُ عَشْرَ سِنِين‏.

هذا نَصُّ الكتاب والسنّة، فلو كان لكلِّ علماء السعودية إمكانيّة الإجابة على هذا الإشكال مع الإيمان بهذا الحديث ليأتوا بالجواب.

إما أنّ هذا صحيحٌ وإما آية التيمم! فإن كان هو نجماً وكلُّ من اقتدى به صار من أهل الهداية، فينبغي أن لا يغتسل الجُنُبُ بالضرورة، وأن يترك الصلاة إن لم يجد ماءً! ينبغي الأخذ إمّا بهذا أو بالكتاب وسنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ الصلاة لا تُترَك بحال.

لم تستحوا أن تنسبوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عبارة: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُم‏؟! في مقابل: أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، وأنا دارُ الحكمة وعليٌّ بابها.

النتيجة إما أن عمر من أصحاب النبي أو لا، فإن لم يكن منهم كيف جعلتموه خليفة؟! وإن كان من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهل هو من موارد هذا الحديث أم لا؟! إن لم يكن من موارده فلماذا فَتَحتُم هذا الدُّكان مقابل عليّ بن أبي طالب؟!

وإن كان مصداقاً لهذا الحديث فكيف تجمعون بين الإيمان بالله تعالى والإيمان بابن الخطاب؟!

إذا كان لعلماء المذاهب الأربعة قدرةُ الجواب على هذا السؤال، فليأتوا به، والبطلان يطال ما هو أكثر من هذا.

لقد نقلوا كلّهم وبالاتفاق أنّ هذا الشخص قال في موارد عديدة: لولا عليّ لهلك عمر، لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن، فلا سندها قابل للمناقشة، ولا دلالتها.

بعضهم نقلها سبعين مرة! ولأنّه ينبغي ذكر البرهان، فإنّ صدور هذه الكلمة منه قدرٌ متيقن، وقد اتفقتم جميعاً(3) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما رآهم يأخذون امرأةً حاملاً ليرجموها سأل: إلى أين تأخذونها؟ قالوا: يا أبا الحسن، لقد ابتُلِيَت بالزنا وهي ذات بعل فتستحق الرجم، فسأل: من أمر بذلك؟ قالوا: فلان.

جاء إليه وسأله: أنت قلت ذلك؟ قال: نعم إنّ حكم المرأة الزانية ذات البعل الرجم بنَصّ القرآن، وأنا خليفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومُجرِي الحدود.

قال (عليه السلام): إذا كنت مسلَّطاً على المرأة فمن أعطاك السَّلطَنَة على ذلك الولد البريء في رحمها؟! لمّا قال (عليه السلام) هذه الكلمة تحيّر فقال: ماذا أفعل؟

قال (عليه السلام): ينبغي بحكم القرآن أن تصبر ثلاثين شهراً: ﴿وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾(4)، وفي مورد آخر: ﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً﴾(5)، فينبغي الصبر هذه المدة لإجراء الحد، فقال: لولا عليٌّ لهلك عمر.

فَهَل هذه الرواية (أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُم)‏ صادرةٌ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

إن أردنا أن نستمر في إثبات بطلان هذا الحديث، فسنبقى أكثر من عام في ذكر مخالفات الأول والثاني والثالث، ليُعلَمَ أن هذا الحديث موضوعٌ، وأنهم اخترعوا هذا الحديث، وهذا هو العار، وجعلوه مقابل حديث النبي: أَنَا مَدِينَةُ العِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا، وحديث: أَنَا دَارُ الحِكْمَةِ، وَعَلِيٌّ بَابُهَا، فَمَنْ أَرَادَ الحِكْمَةَ فَلْيَأْتِ البَاب‏.

مخالفة الحديث لنَصِّ القرآن

ما ينبغي تحقيقه(6) بشكلٍ دقيق هو الروايات التي ذُكِرَت في كتب العامّة مقابل نصوص الفضائل والمناقب، وتنقسم هذه الروايات إلى طائفتين:

الطائفة الأولى: عبارة عن نصوصٍ عامة تشمل مطلق الصحابة.

والطائفة الثانية: النصوص الخاصة، وهي رواياتٌ عن الأول والثاني والثالث وأضرابهم. وكان بحثنا في الروايات العامة، وعُمدَةُ هذه الروايات حديث: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُم‏، وهذه الرواية صحيحةٌ سنداً وتامّةٌ دلالةً عند العامة، فتشمل كل فردٍ من الصحابة، وقد تعرَّضنا لقسمٍ حولها في الجلسة السابقة وبَقِيَ قسمٌ آخر.

إنّ مِن أهم شروط صحّة الحديث أمران:

الأول: أن لا يكون مخالفاً لحكم العقل البديهي، لأن الغرض من بعثة الأنبياء تكميل العقول، لذا فإنّ ما يثبت حقّانية الأنبياء حتى الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) هو العقل.

الثاني: أن لا يكون مخالفاً لكتاب الله تعالى، فإذا وُجِدَ حديثٌ في تمام قوّة السند، ولكن كان مخالفاً للقرآن يُطرَحُ بالاتفاق، يحكم بذلك البرهان القطعي، إذ أنّ الجمع بينه وبين مدلول الكتاب جمعٌ بين المتناقضين، والجمع بين المتناقضين والضدّين محالٌ، فينبغي الأخذ بأحدهما وترك الآخر.

وإذا دار الأمر بين طرح القرآن وطرح ذلك الحديث، يكون القرآن مُحكَّماً بالإتفاق، وهذا الأمر من ضروريات جميع المذاهب، لذا فإنّ في مذهب الخاصة أيضاً: لَا تَقْبَلُوا عَلَيْنَا مَا خَالَفَ قَوْلَ رَبِّنَا(7)، وفيه: مَا لَمْ يُوَافِقْ مِنَ الحَدِيثِ القُرْآنَ فَهُوَ زُخْرُف(8)،  وفيه عن القرآن: وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط(9)، وهذا برهانٌ قطعي في كل المذاهب.

ومُدَّعانا أنّ هذا الحديث: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، مخالفٌ لكلام الله، ومناقضٌ للقرآن الكريم.

أما الدليل القاطع: فإن المغيرة بن شعبة هو أحد أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد نصبه الخليفة الثاني على أمارة وزعامة حكومة الكوفة، فَلَهُ هذان المنصبان.

وما ينبغي أن يثبت اليوم هو بطلان هذا الحديث، وبطلان خلافة من نَصَّبَه، وحُكم كتاب الله في المطلبين، وهذا الرجل معروفٌ مشهورٌ بما فعل، وقضيّته تامَّةٌ إلى حدّ أن أساطين العامة نقلوها عن أربع أشخاص، وكان هؤلاء في الغرفة العليا والمغيرة في السفلى.. فرأى الأربعةُ المغيرةَ يزني، وكتبوا ما جرى لِعُمَرَ بن الخطاب، فطلب عمر المغيرة والشهود، وقال: ما الأمر؟

فشهد ثلاثةُ أشخاصٍ أنّهم رأوا ما جرى وبيَّنوه للثاني، أما الرابع فنظر ورأى أنّ قيافة الخليفة الثاني قد تغيّرت، ولكي يرضيه (وهذه مطالب كَتَبَها أعيان العامة) قال: رأيته حيث جلس بين فخذيها، لكنّه لم يشهد بالإيلاج والإخراج.

وقد اشتهرت هذه القضية إلى حد أنَّ الشُّعراء نظموا الأبيات في زنا المغيرة، والشاهد على ذلك شعر حسان.

والمهم جداً هو كلام ابن ابي الحديد، يقول هذا الرجل أنّ زنا المغيرة بن شعبة ثابتٌ برواياتٍ مشهورةٍ مستفيضة، ونَصُّ كلامه: الخبر بزناه كان شائعاً مشهوراً مستفيضاً بين الناس(10).

والسؤال: إذا كان هذا الحديث صحيحاً: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُم‏، فأقلُّ ما يثبته هو عدالةُ الصحابيّ، وهو دليل العامّة في قولهم بعدالة الصحابة.

السؤال هنا لعلماء المذاهب الأربعة: إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، فينبغي على كل مسلم امضاءُ وتصحيحُ زنا المغيرة بن شعبة! والاقتداء بهذا الزاني!

وهذا مخالفٌ لنصّ القرآن والسنّة القطعيّة وفتوى أئمة المذاهب الأربعة!

فكيف يُجمَعُ بين هذا الحديث ونصِّ القرآن؟! وقد حكم تعالى في كتابه أن الزنا فحشاء، وأنه ينبغي أن يجتنب كلُّ مسلمٍ الزنا، بل حتى مقدّماته: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾.

والزاني والزانية محكومان بنص القرآن بمئة جلدة: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ﴾(11)، وإن كان مع امرأة متزوِّجة فيكون محكوماً بالرَّجم بنَصّ القرآن! هذا حكم القرآن وهذا فعل المغيرة بن شعبة!

فهل حديث: (أصحابي كالنجوم) حقٌّ أم باطل؟! ينبغي أن يجيبوا، ولو اجتمعت الدنيا لكانت عاجزةً عن الجواب على هذا الإشكال، وهذا مؤكد مئةً بالمئة، هذا المطلب الأول.

أما المطلب الثاني: فإنّ مَن كان خليفةً للمسلمين جاهلٌ إلى حَدِّ أنّه يجعل مثل هذا الزاني أميراً لتلك المدينة والديار! ويصل الأمر إلى حَدِّ أنّه يأتي خارج دار الإمارة كلّ يومٍ قبلَ الظهر، ويذهب إلى بيت أم جميل، ويزني بها، وبعد أن يتلوَّث بالزنا يأتي للمسجد لإمامة الجماعة! وهذا ما ذكره المؤرخون والمحدِّثون من العامة لا الخاصة، بمن فيهم أصحاب السنن والمسانيد.

هذا هو المذهب الحق؟! هكذا يكون الخليفة؟! هذا شأن عُمَر بن الخطاب! مِثلُ هذا نَجمٌ يهتدي من يقتدي به؟!

إذا كان هذا الحديث صحيحاً فإنّ عمل المغيرة صحيحٌ، وصلاة الناس صحيحة! فبأيّهم اقتديتم اهتديتم!

فِعلُ من هذا؟ فِعلُ عمر بن الخطاب! وهو بمقتضى هذا الحديث نجمٌ أيضاً، ووظيفة كل مسلم أن يقتدي به! فينبغي أن تكون زعامة المغيرة بحكم هذا الحديث صحيحة، وصلاته مع جنابته من الزنا محكومة بالصحة!

هل هذا هو الدين؟! هذا هو القرآن؟! هذه هي السنة القطعية؟!

هل يمكن لكل علماء الأزهر لو اجتمعوا أن يجيبوا على هذا الإشكال؟!

هذا الدليل، اثنان واثنان أربعة، والمهم إدراك هذه المطالب.

ثم إن هؤلاء الذين نقلوا هذا الحديث أي زنا المغيرة وفِعلَه وفِعلَ عُمَر، نقلوا أيضاً أنّ عُمَر سافر الى الشام، ولما رجع دخل الى المدينة متنكراً ليتحقق من آراء الناس حوله، التقى بامرأة عجوزٍ فسألها: ما حال عمر؟ فقالت: رجع من الشام، قال: ماذا عندك عنه؟ قالت: يوم القيامة سأشكوه لله تعالى، فقال: ماذا فعل بك؟ قالت: أنا امرأة عجوز ليس لي أحدٌ، ومنذ وصل للخلافة لم يعطني درهماً واحداً من بيت المال! لما سمع ذلك قال: لم يكن عنده خبرٌ عن حالك، فهو معذورٌ لعدم معرفته، قالت: كلامك هذا عجيب!

وهي حتى الآن لا تعرف أنّ السائل نفسه هو عُمَر، قالت: لم أتوقع منك هذا المقدار من الجهل! قال: ما الأمر؟ قالت: هل يمكن لشخصٍ أن يكون خليفة رسول الله وإمام هذه الأمة ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاس‏﴾ ويكون غير مطَّلِعٍ على ما في المشرق والمغرب؟! والمحيّر أنّه مباشرة قال عن نفسه: كلُّ أحدٍ أفقه منك حتى العجائز يا عمر(12).

فهل يكون الحديث (أصحابي كالنجوم) صحيحاً؟ هذا دليلُ بطلان هذه الأحاديث.

 

2. إن الله جعل الحق على لسان عمر!

قيل للخليل(13) بن أحمد الفراهيدي: ما تقول في عليّ بن أبي طالب؟ فقال: ما أقول في حقِّ امرئٍ كَتَمَ مناقبَه أولياؤُه خوفاً، وأعداؤُه حسداً، ثم ظهر من بين الكتمانين، ما ملأ الخافقين.

إنّ مَن ينشُر الفضائل عادةً هم الأصدقاء، والمُحَيِّر أنّ مُحِبِّي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) كتموا فضائله خوفاً، وأعداءَه حسداً، فوَقَفَ أمام نشر فضائله ومناقبه أعداؤُه ومُحِبُّوُه، ومع ذلك خَرَجَ من بين هذا وذاك ما ملأ الخافقين من العِلم والحكمة والزُّهد والشجاعة، وهذا برهانٌ باهر.

يمكن للإنسان أن يطفئ النور العادي، لكن يستحيلُ أن يطفئ البشرُ السِّراج الذي أوقده الله تعالى، ذلك أن النور العاديّ قد صنعه الإنسان ويطفؤه بنفخةٍ منه، لكنّ السماء والقمر وهما من مصابيح الله تعالى لا تَقبَل أن تُطفأ، ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ الله بِأَفْواهِهِمْ﴾، لكنّ تلك الإرادة وبكلّ تلك القوة تُهزَمُ أمام إرادة الله ﴿وَيَأْبَى الله إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ﴾.

كَم مِن أحاديث عامّةٍ وخاصّةٍ نسبوها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الصحابة، نموذج ذلك الذهبيّ، مَن حَكَمَ كلَّ أهل الفضل مِن كل المذاهب، وطأطؤوا برؤوسهم أمامَه، فصار إمام الرجال والتاريخ والحديث ونقد الحديث، إلى حدِّ أنه لُقِّب بإمام النُقّاد، ويعلم أهل الفنِّ أنّ هذا الرجل قد صرف كل قدرته العلمية ليخدش في الروايات التي وردت في فضائل أهل البيت من جهة السند بأيّ عذر، فمثله مَن كان قوله مقبولاً عند الكل، عندما يبدأ بشرح حال الطبقة الأولى من الرواة الصحابة، ينقل الرواية التالية بضرصٍ قاطعٍ عند بداية عرض حال الثاني: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه(14).

وذلك مقابل الحديث المسلم عند الكلّ، أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: عَلِيٌّ مَعَ الحَقِّ، وَالحَقُّ مَعَ عَلِي‏، فنَقَلَ هذه الرواية عن عُمَر.

ولأنَّ بحث المطلب مهمٌ، فإنّ معيار الحق والباطل أمران: أحدهما القلب، وهو مركز كلّ العقائد والأفكار، والآخر اللسان، وهو طريق الكلام وبيان ما في الضمير. وأيُّ مقامٍ لمن لم يكن لأحدٍ في قلبه ولا في لسانه أيُّ باطل؟!

اليوم نعرض لنموذجٍ يُبَيِّن بُطلان هذه الرِّواية بشَكلٍ قَطعيٍّ، تَعجَزُ الدنيا لو اجتمعت عن الإجابة عليه، وهذا الميدان.

رجالُ سند القضية التالية ثِقاتٌ بتصديق ابن حجر صاحب شرح صحيح البخاري، والبيهقي صاحب السنن الكبرى، وجلال الدين السيوطي أستاذ الكلّ عند الكلّ، رجال هذه الرواية ثقاتٌ وسندها تامّ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 2 ص 382 ولفظه: صلى بنا عمر بن الخطاب فلم يقرأ في الركعة الأولى شيئاً، فلما قام في الركعة الثانية قرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم عاد فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة: ثم مضى، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين بعد ما سلم.. وفي لفظٍ: سجد سجدتين ثم سلم.

مَن كان في قلبه حقٌّ، وما يخرج على لسانه حَقٌّ، يأتي بمثل هذا العمل الباطل في ركن الدين!! بتصديق أئمة الحديث والرجال، وهذه المرة الأولى، وهذا معنى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ الله﴾.

ونقل ابن حجر في فتح الباري 3 ص 71: عن عبد الرحمن بن حنظلة بن الراهب: إنّ عُمَر بن الخطاب صلى المغرب، فلم يقرأ في الركعة الأولى، فلما كانت الثانية قرأ بفاتحة الكتاب مرتين، فلما فرغ وسلَّمَ سجد سجدتي السهو.

وقال: رجاله ثقاتٌ.. وكأنّه مذهبٌ لعمر.

وهذه المرَّةُ الثانيةُ المخالفةُ لفقه الإسلام والمسلمين، وقد أتى هذا الرجل بنفسه في المرة الثالثة بما نقلوه:

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يصلي بالناس المغرب، فلم يقرأ فيها، فلما انصرف قيل له: ما قرأت! قال: فكيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسناً، قال: فلا بأس(15).

ونقل البيهقي قول الشافعي: وأبو سلمة يحدِّثه بالمدينة وعند آل عمر لا ينكره أحد.

فهذا عمر لم يقرأ أبداً، فأيُّ صلاة هذه؟! وهذا الذي يُصَلِّي خلفه أصحاُب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهل هذا مذهبٌ؟! أن تكون صلاته وصلاة المصلين معه صحيحة ما دام قد أدى الركوع والسجود بشكل صحيح ولو لم يقرأ أصلاً!! وهذه المرة الثالثة، وهناك الرابعة و..

الخلاصة.. المصيبة أني أنا وأنت لم نفهم قدرَ هذا المذهب، ولم نعرف مقام علي (عليه السلام). أمّا المرّة الرابعة:

عن إبراهيم النخعي: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى بالناس صلاة المغرب، فلم يقرأ شيئاً حتى سَلَّم، فلما فرغ قيل له: إنك لم تقرأ شيئاً، فقال: إني جهّزت عِيراً إلى الشام: هذه صلاة خليفة المذاهب الأربعة، عندما يُكَبِّر يكون تفكيره في تجهيز العِير إلى الشام! وأيُّ فحولٍ نقلوا هذه الرواية!! شَغَلَت هذه الأمورُ فكرَه فمَحَت صورة الصلاة!

 فجعلت أُنزِلُها منقلةً منقلة حتى قدمتُ الشام، فبعتُها وأقتابَها وأحلاسها وأحمالها. قال: فأعاد عمر وأعادوا.. وعن الشعبي أنّ أبا موسى الأشعري قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين أقرأت في نفسك؟ قال: لا، فأمر المؤذنين فأذنوا وأقاموا وأعاد الصلاة بهم(16).

لو اجتمع الفخر الرازي والذهبي ومسلم والحاكم وكلّ أئمة المذاهب الأربعة، فإنّ الخليفة قد صلّى الصلاة أربع مرات بكيفياتٍ أربعة!! ثم هو نفسه قال باعترافكم أنّه كان يبيع حمولة العِير في الشام!!

أيُّ خليفةٍ هذا؟ ويجلس مكان من كان تحت شعاعه 124 ألف نبي!!

﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى‏ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً﴾ خليفةُ مَن كانت هذه صفاته، يكون جاهلاً إلى هذا الحد! إلى هذا الحَدِّ مِنَ الجهل وانعدام الخجل والحياء! هل هذا مذهبٌ؟!

فليجتمعوا وليقولوا أيهم الصحيح؟ هذه الرواية أم الرواية التي نقلوها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله جعل الحقَّ على لسان عمر وقلبه!!

أيُّ إلهٍ هذا؟! هذا الإلهُ مناسبٌ للسخرية!! يجعل الحق على لسانه فيُصَلِّي الصلاة بأربع صُوَر! هل الصُّوَرُ الأربعة كلُّها صحيحة؟! إنها جمعٌ بين الأضداد! فمَعَ أيّ عقلٍ يتوافق ذلك؟!

هل شُرِّعَت الصلاة على أربع صورٍ؟ أم أنّ الله أنزل الصلاة على صورة واحدة؟! فيكون هذا الحديث من (أبطل الأباطيل).

هكذا أرادوا أن يعادوا من كانوا نور الله تعالى، وهكذا تذهب قيمتهم.

أيُّها البيهقي، وابن حجر، أجيبوا على هذا المطلب، تنقلون هذه القضية برجالٍ صحاحٍ وثقاتٍ كما تَعُدُّونَهم، ومن جهة أخرى يقول إمام الرجال والحديث وَمَن قَبِلتُم قوله جميعاً: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن الله جعل الحقَّ على لسان عمر وقلبه!! إنّ مخالفة عليٍّ (عليه السلام) تؤدي بكم إلى هنا، واليوم نثبت بطلان المذاهب الأربعة بهذا.

الصلاة رُكنُ الدين: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الفَحْشاءِ وَالمُنْكَر﴾، الصلاة التي قال فيها القرآن: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى‏ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً﴾، هذه هي الصلاة، وبَحثُ الخلل في الصلاة مهمٌّ جداً، ومسائل الشك والسهو في الصلاة من هذه المباحث، وعلى كلّ مسلمٍ أن يعلَمَ أحكام الشك والسهو في الركعات وأفعال الصلاة، كي يسير في معراج الله وينال بتلك التكبيرة والتسليمة ذلك المعراج.

فهل جعلَ الله تعالى الحقَّ ينزلُ على قلب ولسان مثل هذا الباطل؟! هذا معنى أنّ عليّ بن أبي طالب مظلوم.

أيُّ ظُلمٍ وَقَعَ عليه حتى قال: فَصَبَرْتُ وَفِي العَيْنِ قَذىً، وَفِي الحَلْقِ شَجاً.. خمسةٌ وعشرون سنةً صَبَرَ فيها، لكن أيُّ صَبرٍ؟

أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَى: كما يدورُ حَجَرُ الرَّحى حول القُطب، فإنّ الخلافة ونيابة الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) تدور حول مركز وجودي، وكلاهما، الأول والثاني كانا يعلمان أيّ مقامٍ مقامي.

يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَلَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْر: أنا جبلٌ مرتفعٌ ينحدر عني سيل العلم والحكمة، ولا يصلُ طائرُ عقلٍ إلى مرتَفَعِ ذلك الجبل من العلم والحكمة والوَقار.

عمر يبطل كلّ أحاديث السنة

بعد أن فرغنا(17) من بُطلان هذه الرواية: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُم‏، ثَبَتَ أنّ هذا الحديث مخالفٌ للعقل والقرآن والسُنَّة.

والبحث المهم هو روايات علماء العامة المُختصّة بالأشخاص، ولأنَّ هذا البحث مهمٌ جداً ننقل متن كلام مَن كان إماماً في الحديث والرجال عند الكلّ، ومن خَضَعَ أمامَه كلُّ أعيان العامة، أمّا من له اعتراضات عليه فهو جزءٌ من الشواذ عند العامة، لا من العلماء، وهو مقبولٌ عند المذاهب الأربعة وعلماء الحديث والرجال عندهم. قال الذهبي عن الثاني:

قال نافع بن أبي نعيم: عن نافع، عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه.

فيا أخي ان أحببت أن تعرف هذا الإمام حقّ المعرفة فعليك بكتابي.. وأين مثلُ أبي حفص؟ فما دار الفُلك على مِثل شكل عمر، وهو الذي سَنَّ للمحدِّثِين التثبُّت في النقل، وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب، فروى الجُرَيرِيُّ عن أبي نضرة عن أبي سعيد، أن أبا موسى سلَّمَ على عمر من وراء الباب ثلاث مرات فلم يؤذن له فرجع، فأرسل عمر في إثره فقال: لمَ رَجعتَ؟

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سلم أحدكم ثلاثاً فلم يُجَب فليرجع. قال: لتأتيني على ذلك بِبَيِّنَةٍ أو لأفعلنّ بك.

فجاءنا أبو موسى مُنتَقِعاً لونه ونحن جلوسٌ، فقلنا: ما شأنك؟ فأخبَرَنَا، وقال: فهل سمع أحد منكم؟ فقلنا: نعم، كلنا سمعه.

 فأرسلوا معه رجلاً منهم حتى أتى عمر فأخبره.

أحبَّ عمر أن يتأكدّ عنده خبر أبي موسى بقول صاحبٍ آخر، ففي هذا دليلٌ على أنّ الخبر إذا رواه ثقتان كان أقوى وأرجح مما انفرد به واحدٌ، وفي ذلك حَضٌّ على تكثير طرق الحديث لكي يرتقي عن درجة الظن إلى درجة العلم، إذ الواحد يجوز عليه النسيان والوهم، ولا يكاد يجوز ذلك على ثِقَتَين لم يخالفهما أحد(18).

هذا تمام تحقيق هذا الفحل والإمام عند الكلّ.

النتيجة الأولى: بطلان تمام الصحاح الستة: صحيح البخاري ومسلم وسائر الصحاح، وثمرة البحث بطلان تمام المسانيد.

أما الدليل على هذه الدعوى، فإنّ نصَّ كلام الذهبي يتحدث عن مجيء أبي موسى الأشعري إلى باب بيت عمر واستئذانه ثم نقله حديثاً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وينبغي على أهل الفضل، مَن عَمِلُوا عُمراً في المباحث الدقيقة أن يُدَقِّقُوا كلمةً بكلمةٍ هنا، قال له عمر: لتأتيني على ذلك بِبَيِّنَةٍ أو لأفعلنّ بك.

هذا القول أدى إلى أن ينتقع لون أبي موسى، وهذا مهمٌ، ثم يكمل الذهبي الرواية، والمهم كلماته بعد ذلك من أنّ عمر أراد أن يتعدّد خبر الثقة عنده، لأنّ احتمال النسيان موجودٌ في الخبر الواحد، دون الخبرين!

فَمَن كان إماماً في الرجال والحديث يقول أنّ احتمال النسيان قائمٌ في خبر الثقة، لكن لو كانا خبرين يوصِلُ ذلك إلى العلم!

إنّ أدنى أهل العلم يدركون أنّ احتمال النسيان والخطأ يصبحُ أقلّ مع التعدُّد بمخبِرَين ثقات، لكن لا يُعقل أن ينتفي بذلك!

هذا هو مستوى عِلمِ إمامهم! لا يُفَرِّقُ بين قلّة الاحتمال وانتفائه!

بحسب المحتملات الرياضية، فإنّ احتمال الخطأ ينخفض مع تعدُّد المخبِر، لأنّ لِقَبُول الخبر الواحد مانعان: أحدهما احتمال الكذب، والثاني احتمال النسيان، ووثاقةُ المخبِر تنفي احتمال الكذب، ويبقى احتمال النسيان والخطأ، لكنّ أدلّة حجيّة خبر الثقة عند العامة والخاصة تدفعه، كالسيرة العقلائية القطعية، فيصبح خبرُ الثِّقَة حجة، نعم مع التعدُّد يصبح احتمال النسيان والخطأ أقل ثبوتاً، لكن لا أثر لذلك إثباتاً في الحجية.

هذا الجهلُ قد وصل إلى حدّ أن يصير فضيحة من الجهة العلمية، وهذا أعلم علماء العامة، وفي هذا البحث تبطل جذور عِلم علماء الأزهر والسعودية، فإنّ صريح كلامه أنّه يريد إقامة البيّنة، فما معنى إقامة البيّنة؟!

أبو موسى نَسَبَ خبراً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو ثقةٌ عادلٌ بلا إشكالٍ عند كلّ العامة، ولا أحد ينكر ذلك منهم، وخَبَرُهُ حجةٌ بالضرورة عند الكلّ، بإجماع المذاهب الأربعة، وباتفاق تمام الروايات، لكنّ عُمَر خَطَّ قَلَمَ إبطال كلّ ذلك وطلب إقامة البيّنة!

ولأهمية البحث نعيد متن الكلام: قال: لتأتيني على ذلك بِبَيِّنَةٍ أو لأفعلنّ بك. فما هي البيّنة؟ البيّنة هي شهادة عادلين، والنتيجة أن عُمَر شَرَطَ شهادة عادِلَين لإثبات حجيّة الخبر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونتيجة ذلك سقوط صحيح البخاري! فأيُّ روايةٍ في صحيح البخاري تحقَّقَ فيها عادلان في كل الطبقات؟! وأيُّ روايةٍ في صحيح مسلم واجدةٌ لهذا الشرط؟ وأيُّ روايةٍ في صحيح الترمذي وأبي داوود ومسند أحمد قامت عليها البيّنة في كل الطبقات؟!

نتيجة كلام هذا الرجل سقوط المذاهب الأربعة! وبطلان كل كتب الحديث عند أهل السنة! هذا هو عُمَر!

وقد أوصلَ الجهلُ الأمورَ إلى حَدٍّ ضاعَ معه حقُّ عليٍّ أمام مثل هذا الجاهل!

نحن لسنا أهل التعصب، بل أهلُ البرهان والمنطق، وسيظهر بؤس هؤلاء جميعاً.

لَو أمكن لكلّ علماء الأزهر الإجابة على كلمات اليوم فليجيبوا.. هذا الذهبيُّ، وذاك حدُّه، وهذا عمر ومقامُه.

والأكثر بؤساً مِن هؤلاء هم الجُهّال الذين يعيشون اليوم، ويريدون أن يخضع مذهب الشيعة مقابل المتعصِّبين، وأن يتقرّبوا إلى أولئك الجهّال عديمي القيمة.

إنّ منشأ كل ذلك هو الجهل.. كونوا علماء، فالعالِم رَجُلُ الميدان.

إنّ الدُّنيا تسيرُ بالمنطق والبرهان، فإذا انتفى العلم وقعت المقارنة بين عليٍّ وعمر!! وذهَبَ حقُّ الزهراء (عليها السلام) أمام هذا الجهل! وهذا البحث مهمٌ جداً.

بطلان الحديث قطعيٌّ بالضرورة

نتيجة البحث السابق(19) بطلان مبنى اعتقاد كلّ العامّة، لأنه بحسب ما نقل الذهبي في تذكرة الحفّاظ عن أبي موسى الأشعري، فإنّ عمر قد طالب بالبيِّنة لإثبات قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونتيجة هذا المبنى بطلان تمام الروايات التي وردت في صحيح البخاري ومسلم وبقية الصحاح والمسانيد.

ويكون حديث: (إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه) باطلاً بحكم البرهان، لأنه يستحيل أن تصدر مثل هذه الجملة من النبي المعصوم (صلى الله عليه وآله وسلم) مع خطأ هذا الشخص.

ولأنّ المطلب مهمٌ جداً فإنّه ينبغي أن نُثبِتَ هذه القضية بالحدّ الأعلى.

لقد نقل الذهبي في التذكرة أنّ لون أبي موسى قد انتقع، وجاء إلى أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وطلب منهم أن يضمُّوا شهادتهم لتتحقّق البيّنة.

وينبغي أولاً النظر في مقام أبي موسى نفسه بحسب اعتقاد أئمة المذاهب الأربعة، والمستند أيضاً هو كلام مَن كان مورداً لاتفاق الكلّ، يقول الذهبي في تذكرة الحفاظ ج1 ص23:

أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب، هاجر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقَدِمَ مع جعفر زمن فتح خيبر، واستعمله النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع معاذ على اليمن: فإنَّهُ كان جزءً من الصحابة الخاصّين منذ فتح خيبر بحسب عقيدة العامة، هذا أولاً، وثانياً: استعمله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أي أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جعله عاملاً من قِبَلِهِ على اليمن. وثالثاً:

 ثم وَلِيَ لِعُمَر الكوفة والبصرة: فأدار هذين المركزين الإسلاميين المهمّين بتنصيبٍ من عُمَر.

 وكان عالماً عاملاً صالحاً تالياً لكتاب الله، إليه المُنتهى في حسن الصوت بالقرآن، روى عِلماً طيِّباً مُبَارَكاً، وأَقرَأَ القرآن، حدَّثَ عنه طارق بن شهاب وابن المسيب والأسود وأبو وائل وأبو عبد الرحمن السلمي وربعي بن ابن حراش وأبو عثمان النهدي وخلق، أَقرَأُ أهل البصرة وأفقههم.

شعبة وغيره عن سماك بن حرب سمعت عياضاً الأشعري يقول لما نَزَلَت: ﴿فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه﴾ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هم قومك يا أبا موسى، وأومى إليه، صححه الحاكم وانما يرويه عياض عن أبي موسى. وفي الصحيحين عن أبي بردة عن أبيه أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبَه، وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريماً.

وعن بُرَيدة أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله تَسَمَّعَ لقراءة أبي موسى فقال: لقد أوتيَ هذا مزماراً من مزامير آل داود.

وقد ثبتت هذه المقامات والمنازل لأبي موسى الأشعريّ باعتقاد الكل، وبحثُنَا ليس مع مذهب الخاصّة، وإنما مع مذاهب العامة الأربعة، وينبغي أن يجيبوا على هذا المطلب. فماذا فعل عمر مع أبي موسى وهو مَن كان له هذا المقام؟!

لقد ولّاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على اليمن، وولاه عمر نفسه على الكوفة والبصرة، وكان مقامه على مرتبةٍ اعترف معها الكل أن عِلم الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) انتشر بواسطته، والذهبي نفسه ينقل روايةً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه أن مزامير داوود قد أعطيت لأبي موسى! ولكنّ تَصَرُّفَ عمر مع مثل هذه الشخصية في نقل حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان كما يلي(20):

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سلم أحدكم ثلاثاً فلم يُجَب فليرجع: وقولُ أبي موسى سندٌ باتفاق الكلّ عندهم، فإنّ كل الصحاح والمسانيد تقبل الرواية التي كان سندها معتبراً إليه، ولا تكون الرواية مورد سؤال، وقد كان تصرُّفُ عُمَر معه كما يلي:

قال: لتأتيني على ذلك بِبَيِّنَةٍ أو لأفعلنّ بك: هذه كيفيّة تعامُلِهِ مع أبي موسى مع مقاماته تلك، إما أن يأتيه بالبيِّنة أو ليفعلنّ به، هددّه إلى حدِّ أنّه صار بحسب نقل الذهبي:

فجاءنا أبو موسى مُنتَقِعاً لونه.

والسؤال هو: بأيِّ منطقٍ وميزانٍ يتصرّفُ من كان باعتقادكم خليفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وكيف يتعامل بالباطل مع صاحب تلك المقامات؟ ويُخيفُيه بهذا الشكل، أليس هذا إخافة للمؤمن باعتقادكم أم لا؟ أيُّ عاقلٍ يقول أنّه ليس إخافةً وتهديداً؟! فثَبَتَ أنّه قد أخاف أبا موسى، فلماذا أخافه؟!

أخافَهُ بالبَاطِل! وهو أنّه نَقَلَ كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)! وطَلَبَ منه إقامة البينة، وإقامةُ البينة على رواية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الصحابة خلافُ القرآن وخلاف إجماع كلّ المذاهب وخلاف السنَّة القطعيّة.

نَصُّ القرآن: ﴿ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾، وأنتُم تعدُّون كلَّ الصحابة عدولاً، وبإجماع الكلّ واتفاق المذاهب الأربعة، فإذا روى عادلٌ روايةً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصبح ذلك سنةً نبويةً بحكم القرآن ﴿ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾.

فهل فِعلُ عُمَر مع أبي موسى صاحب هذه المقامات حقٌّ أو باطل؟!  

النتيجة مثل اثنان واثنان أربعة، فبما أنه باطلٌ، تظهر ثمرة ذلك في الحديث الذي نقله الذهبي ونصُّهُ: إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه.

فهل أجرى الله الحق على لسان مثل هذا؟! مع عمله هذا؟! ومع إخافته لهذا الصحابي؟! إما هُم على باطلٍ وأنت بنفسك قد قلت أيها الذهبي ذلك، وإمّا أنّ هذا الحديث محكومٌ بالبطلان مئة بالمئة، هكذا هو برهان أحقيّة مذهب الشيعة.

جذورُ اعتقاد كل المذاهب الأربعة بِعُمَر بن الخطاب هذا الحديث: إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه، وهذا الحديث باطلٌ بالبرهان القاطع! بحكم العقل والكتاب والسنة، وعمله باطلٌ لكونه خلاف الحق، حيث أخاف مَن كان والياً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وله أيضاً، والنصُّ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه على مقامه وعلمه وتقواه قد ثبت عند الكل. فعَمَلُ عمر باطل، وقوله باطل.

ويكون الحديث: إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه، من (أبطل الأباطيل)! وهكذا يبطل مذهب كلّ السنة في العالم ويذهب مع الريح.

ما هو منشأ اعتقادكم بعمر؟ إنّه مثل هذا الحديث، فهل هذا الحديث صحيحٌ؟ أم تلك المطالب؟ هل هذا الحديث صحيحٌ أم الروايات الصحيحة في البخاري ومسلم؟ هل هذا الحديث صحيحٌ أو مقامات أبي موسى الأشعري؟

إلى هذا الحدِّ ليس عندكم وَعيٌ وإدراك؟!

يا علماء الأزهر، تجمعون بين الضدين؟! تقبلون تلك المقامات لأبي موسى، وتقبلون تلك الروايات من أنّ الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه!

فصار قولكم جمعاً بين النقيضين، واجتماعاً للضدين، وبطلانه ثابتٌ وقطعيٌّ بالضرورة، بحكم العقل والكتاب والسنة.

عمر وكِتمان أحاديث النبي ص

كان البحث(21) في بطلان الروايات التي نُقِلَت في فضائل أشخاصٍ، وقد مَرَّ قسمٌ من البحث، أما ما تبقى منه:

معن بن عيسى، انا مالك، عن عبد الله بن إدريس، عن شعبة، عن سعد ابن إبراهيم، عن أبيه، أن عُمِر حَبَسَ ثلاثةً: ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري. فقال: قد أكثرتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم(22).

تَنُصُّ هذه الرواية التي نقلها الذهبي في أحوال عمر أنّه حَبَسَ هؤلاء الأشخاص الثلاثة، وذلك لأنهم أكثروا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

أولاً: لقد وَضَعَ الإسلامُ قوانين للحبس، فإنّ حَبسَ أيِّ مُسلِمٍ وحرمانه من معاشرة زوجته وأولاده، وحرمانهم من رؤيته من أعظم المطالب! الفقاهة والفِقه قد حَصَرَت الحبس في موارد خاصة، وهذا الفعل الذي فَعَلَهُ عمر مخالفٌ للقرآن الكريم وللسنّة وللعقل البَيِّن، ومن العجائب أن الذهبيّ نفسه وهو إمامٌ في الرجال والحديث، يقول في شرح حال عبد الله بن مسعود:

ابن مسعود: الامام الربّانيّ رضي الله عنه: فإنّه يعترف بإمامة ابن مسعود وبِرَبّانيّته! ثم يذكر مقاماته المتعددة فيقول:

 أبو عبد الرحمن، عبد الله ابن أم عبد الهذليّ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، وخادمه، وأحد السابقين الأولين، ومن كبار البدريين، ومِن نبلاء الفقهاء والمقرئين، كان ممن يتحرّى في الأداء، ويشدِّدُ في الرواية: وههنا الحجة الإلهيّة التي تذري أسُسَ مذهب العامة مع الريح! فقد كان رجلاً يتشدد في الرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!

 ويزجر تلامذته عن التهاون في ضبط الألفاظ، أسلَمَ قبل عمر: فعندما كان عمر يسجد للأصنام كان ابن مسعود مسلماً!! وهذه مقامات ابن مسعود بنقل الذهبي بعد عدة صفحات من نقله السابق!

وحَفِظَ مِن فِي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبعين سورة، وتسَمَّعَ عليه النبي صلى الله عليه وآله ليلةً وهو يدعو فقال: سَل تُعطَه: فماذا تعني هذه الجملة؟ تعني أن هذا الشخص كان صاحب دعوةٍ مستجابةٍ بنصّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونحن طبعاً ننقل كلمات الذهبي ولا ننقل الواقع، والبحث مع أئمة كل مذاهب العامة على أساس المسلمات عندهم جميعاً.

 وقال: من أحبَّ ان يَقرأ القرآن غضَّاً كما أنزِل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد(23)، فمن جهةٍ ينقل مقاماته هذه، ومن جهةٍ أخرى ينقل أنّ عُمَر حَبَسَ مثل هذا الرجل! لماذا؟! لأنه كان يُكثِرُ نقل الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

عندما تسلبون حقَّ عليٍّ (عليه السلام) تَقَعُون في مثل هذا الضلال!

تقولون من جهةٍ أنّ ابن مسعود إمامٌ ربانيٌّ، وأنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صرّح بأنّ دعاءه مستجاب، وأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أرجع الناس في أخذ القرآن إليه، وتنقلون من جهةٍ أخرى أنّ عمر قد حَبَسَ مثل هذا الشخص، بأيّ معصية وجرم؟ لأنّه أكثَرَ الرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!! وقد قال تعالى في القرآن: ﴿إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾، أليس هذا نَصُّ القرآن؟!

إلى هذا الحدِّ فَهمُكَ أنت مَن كنتَ إماماً عند المذاهب الأربعة؟ القرآن ينصُّ على لزوم التبيُّن في خبر الفاسق، فيا أيها الذهبي: هل كان ابن مسعود عادلاً أم فاسقاً؟! الأمر يدور بين ضِدَّين لا ثالث لهما، ولا معنى للحدّ الوسط!

هذا هو السؤال، وإذا كان لشيخ الأزهر مع كلِّ علماء مصر والحجاز ما يقدِّمُوه فليجيبوا على هذا البرهان! هل كان عادلاً أم فاسقاً؟!

إذا كان فاسقاً فإنّ دُعاء الفاسق لا يكون مستجاباً! ولا يكون الفاسق إماماً ربانياً! ولا يكون من كبار الفقهاء! والفاسق لا يكون من السابقين البدريين! ولا يُرجِعُ النبيُّ الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) للفاسق!

فهو إذاً باعترافكم أعدل العدول! وإذا كان كذلك فإن القرآن يقول: ﴿ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾، فالجميع مكلَّفون بأخذ أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونقلها ونشرها، وكِتمانُ أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أعظم الكبائر باتفاق المذاهب الأربعة! هذا من الجهة الأخرى.

فإذا نَقَلَ ابن مسعودٍ روايةً، كان التبيُّن من خبره وهو العادل عندهم قدراً متيقّناً في مخالفة كلام الله، وقد حَبَسَ عُمَر مثل هذا الشخص لنقله أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)! فهل كان حَبسُ عمر له حقٌّ أم باطل؟! ينبغي أن تجيب الدنيا عن ذلك، فإن كان باطلاً فهو مخالفٌ للقرآن والسنة والعقل.

وإن كان حَبسُ عُمَر له حقاً، فنتيجة ذلك مخالفة الكتاب والسنة والعقل!

إذا كان حَبسُ عُمَر له لنقله الروايات باطلاً، فإنكم تخطؤون عندما تنسبون للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه.

هذا برهاننا القاطع، ونحن ندعوا علماء كلّ فرق العامة في إيران وخارجها للحوار والنقاش، ندعوهم للمحاججة.

وقد ثبت بحكم القرآن والعقل والسنة والإجماع أنّ هذا الحديث الذي يُعَدُّ مبنى اعتقادكم بعمر بن الخطاب ثَبَتَ أنه من أبطل الأباطيل، ومِن أعظم أكاذيب الدنيا على شخص خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم).

فهل جرى الحقُّ على قلب ولسان عمر؟ إن جرى الحق فما هذه الأغلاط؟ فإمّا أن يكون ابن مسعودٍ مرفوضاً وإمّا أن يكون عمر.

أليس جمعك أيها الذهبي بين الإثنين جمعاً بين النقيضين؟

والنتيجة أن مبنى اعتقاد المذاهب الأربعة بعمر بن الخطاب هو قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه)، وقد ثَبَتَ بحول الله وقوَّتِه أنّ الحديث باطِلٌ، بحكم الأدلة الأربعة: القرآن والسنة والعقل والإجماع.

فيكون أساس الاعتقاد بعمر بن الخطاب ضلالاً مبيناً، هذا هو المطلب الثاني. ويأتي المطلب الثالث إن شاء الله.

لسانُ عمر لسانُ الباطل

كان البحث(24) في مبنى اعتقاد العامة بمقام الثاني، وعمدة الأدلة على عقائد المذاهب الأربعة في هذا الشخص هو هذه الرواية: إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه. وقد تعرَّضنا لما كان لازماً لإبطال هذا الحديث، وهذه تتمة البحث.

المطلب الثالث: أنّ الذهبي قد نقل أنّ أبا هريرة قد سُئل: أكنت تُحَدِّثُ في زمان عمر هكذا؟

فقال: لو كنت أحدِّثُ في زمان عمر مثل ما أحدِّثُكم لضربني بمخفقته(25).

وقد قال الذهبيُّ نفسه في مقام أبي هريرة(26): أبو هريرة الدوسيّ اليمانيّ، الحافظ الفقيه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد كان من الصحابة، بل من خواص الأصحاب عِندَهُم، ومِن حَفَظَة القرآن في الطبقة الأولى.

والسؤال هنا لكل علماء العامة: هل أنَّ نَقلَ الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حقٌّ أم باطل؟! ينبغي الإجابة على ذلك.

فإن كان باطلاً، كانت كل الصحاح باطلة!

وإن كان حقاً، وقد قال تعالى في القرآن: ﴿ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾، فلماذا لم يكن بإمكان مَن كان في الطبقة الأولى من الحُفَّاظ كأبي هريرة نقلُ حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ هل هذا حقٌّ أم باطل؟

وقد قال البخاري: روى عَن أبي هُرَيْرَة نَحْو من ثَمَانمِائَة رجل(27).

 ونتيجة تَصَرُّفِ عمر أن كلّ هذه الروايات باطلة! فهل لكلّ العامة لو اجتمعوا قدرة الإجابة على ذلك؟!

المهمُّ هو أنّ صحيح البخاري وصحيح مسلم هما ركنا فقه المذاهب الأربعة، وجزءٌ كبيرٌ منهما هو من حديث أبي هريرة، فهل الحُّق مَعَ عُمَر؟ أو مع أبي هريرة؟ وفِعلُ أيهما الصحيح؟! ولا واسطة بين النقيضين.

وختم الكلام، أنّا وإن كنّا قد استدلّينا على جهل هذا الشخص بالكتاب والسنة من رواية صحيح مسلم سابقاً، إلّا أنّنا اليوم ننقل مَتن هذا الحديث ليصبح الأمر برهانياً، وليتّضح بطلان الحديث الذي صار مبنى عقيدة السنة في كل العالم (إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه).

والحديث قد روي في صحيح مسلم، في باب التيمم، بأربعة طرق، وهذه المطالب لأعلام أهل السنة، فليتأملوا فيما نقول، أربعُ طرقٍ وفي صحيح مسلم! فهل هناك قضيَّةٌ أقوى من هذه القضية؟! لم يرو في صحيح مسلم فقط، بل في مسند إمام الحنابلة أيضاً، وفي كل السنن، وهذه الرواية مُسَلَّمٌ بها عند الكل ومتنها هو: أنَّ رَجُلاً أَتَى عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدْ مَاءً، فَقَالَ: لاَ تُصَلِّ(28).

فأفتى بعدم الصلاة! أليست (لاَ تُصَلِّ) نهياً عن الصلاة؟!

ينبغي أن يُدرِكَ علماءُ العامة أنّ مورد النهي هو المنكر، فهل كانت صلاة الجُنُبِ منكَراً حتى نهى عنها عمر؟! أجيبوا على ذلك!

هي ليست منكراً بالضرورة وبحكم القرآن والسنة، فإنَّ صلاة الجُنُب عند فقد الماء مع التيمم من أوجب الواجبات، وتكليف الجُنُب فاقد الماء هو التيمم بحكم القرآن، ومع ذلك قال عمر: لاَ تُصَلِّ!

وسؤالنا لكل علماء الأزهر بلا استثناء، ولكلِّ علماء المذاهب الأربعة هو: أليس في القرآن آيةٌ تدلُّ على أنّ من كان جنباً ولم يجد ماءً: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيِّباً﴾؟ فهل هذه الآية في القرآن أم لا؟!

إن كانت في القرآن، فإنّ الله تعالى يقول في نَصِّ القرآن أنّه ينبغي على الجُنُب فاقد الماء أن يتيمم ويصلي، فهل هذا أمر الله أم لا؟! بينما يقول عمر: لاَ تُصَلِّ!

فهل بين: (صلِّ)، و(لاَ تُصَلِّ) تناقضٌ أم لا؟!

الجمع بينهما جمعٌ بين النقيضين وهو مُحالٌ، فلا يخلو الأمر من أحد حالتين: إما (والعياذ بالله) أنّ كلام الله ليس بحق! وإما كلام عمر!

هل عندكم القدرة يا علماء العامة على القول بأنّ كلام الله ليس بحقٍّ وأنه باطل؟! إن قال أحد ذلك يرتدّ عن دينه! وينبغي أن تجري عليه أحكام الإرتداد.

فانحَصر بحكم البرهان أنّ كلام عُمَر هو الباطل!

إذا تمّ ذلك، فأنت أيُّها الذهبي عاجزٌ في الدنيا والآخرة، حيث تنسب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: (إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه).

أما جريان الحق على لسان عمر فقد ثبت بطلانه بحكم البرهان، أما جريان الحق على قلب عمر، فينبغي اليوم أن تُجتَثّ أسس جذور المذاهب الأربعة.

أما القلب: فلو كان القلب مورد جريان الحق لبَرَزَ ذلك في العمل، وإن حَكَمَ القلبُ بالحق فإنّ ذلك يظهر في العمل، وهذا برهانٌ أيضاً.

وقد نقل إمام مذهب الحنابلة في مسنده ج4 ص319 هذا الحديث، وكذلك أبو داوود في السنن والنسائي في السنن ينقلون:

ثنا سفيان، عن سلمة يعنى ابن كهيل، عن أبي ثابت وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن عبد الرحمن بن أبزى، قال: كنّا عند عمر فأتاه رجلٌ فقال: يا أمير المؤمنين، إنّا نمكث الشهر والشهرين لا نجد الماء.

فقال عمر: أما أنا فلم أكن لأصلي حتى أجد الماء: فهل قال هذا الكلام من قلبه أم قالها كذباً؟!

أيها الفخر الرازي وأيها الذهبي، أجيبوا على هذه الفضائح.

إن قالها مِن قلبه فهل قال حقاً أم باطلاً؟!

إن قال حقاً فإن الكتاب والسنة باطل!

وإن قال باطلاً فإنّ ما قلتم وجذور اعتقاد كل السنة في العالم من أنّ الحق جرى على قلب عمر هو من أبطل الأباطيل!

بهذا البيان تُجتَثُّ جذور المذاهب الأربعة!

هذا حال علماء الطبقة الأولى، كالذهبي إمام النقّاد! إلى هذا الحدّ لا يدرك! فينقل هذا الحديث في هذا الكتاب الذي طبع في مصر نفسها وتحت إشراف علماء الأزهر! ينقل ولا يدرك ماذا يترتب على هذا الحديث!

وختم الكلام هذه الرواية عن صحيح البخاري:

.. عمران بن حصين الخزاعي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً معتزلاً لم يُصَلِّ في القوم، فقال: يا فلان، ما منعك أن تصلي في القوم؟

فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء.

قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك(29).

فإنّ الصعيد مع عدم وجود الماء كافٍ ومصحِّح لصلاتك.

والنتيجة: أن كلاً من قول عمر وفعله خلاف القرآن وخلاف سنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهل لمثل هذا لَيَاقَةُ الخلافة؟!

هكذا يصبح قوله وفعله وصمة عار، أمّا قوله: فبِنَصِّ صحيح مسلم، وأما فعله فبِنَصِّ مسند أحمد وسنن أبي داوود والنسائي.

هذا الكتاب: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيِّباً﴾، وهذه السنة من صحيح البخاري!

هكذا أضاعوا حَقَّ عليّ.. وقدّموا مثل هذا الشخص.

ألا تستحون؟! ولا زلتم إلى الآن معتقدين بعمر؟!

مثل هذا الجاهل والمخالف للقرآن والسنة، ليس بقولنا وقول علماء مذهب الشيعة، بل بنصّ صحيح مسلم والبخاري وأحمد!

مثلُ هذا يأتي إلى باب البيت الذي صرح الله تعالى في القرآن عنه: ﴿إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾.

مثل هذا الشخص يأتي إلى باب هذا البيت ويقول: يا عليُّ اخرج وإلا أحرقنا البيت! قال أحدهم: أي عمر، في الدار فاطمة! قال: أحرق فاطمة أيضاً!

هذا هو المذهب؟ هذا هو الدين؟ هذه مظلومية مذهبنا.

للأسف أنّ العمر قد انقضى ولم نفهم، لا إحقاق الحق ولا إبطال الباطل!

المهم هو أن يتخرّج عِدةٌ في هذا البحث، ليكون عندهم الرجولة ويثبتوا للعالم بطلان هذه المذاهب الأربعة مِنَ الأصول إلى الفروع.

 

3. لو كان بعدي نبيٌّ لكان عمر!

كان بحثنا(30) حول تحقيق المباني الاعتقادية للعامة، والبحث في هذه الرواية: لو كان بعدي نبيٌّ لكان عمر.

وقد ذكر الذهبيّ هذه الرواية في مقام تعظيم عمر بن الخطاب في تذكرة الحفاظ ج1 ص5، وبما أنه بحثٌ مهمٌ، وبما أنّ هذه الروايات هي المبنى الإعتقادي للعامة وأكثرية القائلين بخلافة الثلاثة، لذا ينبغي أن تكون المسألة بحسب البرهان في مقابل فُحولٍ من قبيل الذهبي والفخر الرازي.

ويتوقف المطلب على أمرين:

أحدهما: وجود المقتضي للنبوة في هذا الشخص.

ثانيهما: فَقدُ المانع.

ومُدَّعانا: عدم وجود المقتضي، ووجود المانع عقلاً ونقلاً.

فقدان المقتضي

ولأن البحث عميقٌ فينبغي استيفاؤه في فقدان المقتضي.

لا إشكال في أن النبوّة تحتاج إلى وجود المقتضي بحسب العقل والنقل، وليس كلُّ أحدٍ لائقاً بهذا المقام، لأنّ حقيقة النبوّة هي القيام بجنبتين: إحداهما: جنبة (يلي الخلق)، وثانيهما: جنبة (يلي الحقّ)، وفي الثانية ينبغي أن يتلقى، وفي الأولى ينبغي أن يُعطي.

وعلى أيِّ حالٍ فالقول (لو كان بعدي نبيٌّ) يقتضي بالضرورة العقلية كمالَ جنبة (يلي الحق) فيه، وكمالُ هذه الجنبة في أمور ثلاثة:

الأول: القرآن، الثاني: الحلال والحرام، والثالث: الفرائض، وقولُ هذا الشخص عن نفسه في كلِّ واحدةٍ منها حجةٌ قاطعةٌ على الذهبي والفخر الرازي، لذا ينبغي أن تتم الحجة، وينبغي ذكر البرهان القاطع سنداً ودلالةً في قبال هذه المعاني.

إحدى الجهات التي تُطرح اليوم، هو ما نقله البيهقي في السنن الكبرى والحاكم في المستدرك، وهذه الرواية مهمة، فإنّ أركان رجال العامة مثل ابن معين وأبو بكر الاندلسي وأضرابهم شهدوا بأن رجال الحديث ثقات، علاوةً على أنّ أربع أشخاصٍ من أئمة الصحاح احتجوا بهذه الرواية، لذا فهي قويّةٌ من جهة السند على مباني العامة، وتُعَدُّ عندهم حديثاً صحيحاً أعلائياً.

والنص: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس فقال: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبيَّ بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإنّي له خازن(31).

أما فقه الحديث:

أولاً: بالنسبة للقرآن، فينبغي أن يكون للخليفة نِسبةٌ مع مَن يُستخلف عنه، ويكون الخليفة لائقاً للاستخلاف بهذه النسبة.

كما أنَّهُ بحسب العقل والعُرف، إذا ذَهَبَ فقيهٌ أو غاب فلا معنى أن يُجلِسَ غيرَ فقيهٍ مكانه، وإذا لم يتمكن طبيبٌ من الحضور في عيادته فلا يُعقل أن يصبح شخصٌ غير طبيبٍ نائباً وبديلاً عنه، هذا عقلاً وعُرفاً وارتكازاً.

فالنسبة ضروريةٌ بين كل فاعلٍ وقابل، بين كل مستخلِفٍ وكلِّ مستخلَف، وكلامه يصرِّحُ بتقسيم الشؤون!

بالنسبة للقرآن: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ(32)، ﴿ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(33)، بينما كان نصُّ كلامه: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبيَّ بن كعب!

ثانياً: في الدينِ أوامرُ ونواهي، حلالٌ وحرامٌ، ومن كان عنده مشكلةٌ في الحلال والحرام فليأت معاذ بن جبل.

ثالثاً: بالنسبة الفرائض: في المباحث الفقهية بحثٌ مهمٌ في كتاب الميراث يلاحظه الفقهاء من جهة الاستنباط ومن جهة التطبيق، ومشكلات هذا الباب تتضح بمراجعته، وطبق الأدلة العامة فإن الخليفة الأول كما الثاني يُمتَحَنُ في مسائل الفرائض.

ويصرّح الذهبيُّ نفسه في الجزء الأول من تهذيب الكمال أنّه لما جلس أبو بكر مكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يُسأَل عن ميراث الجدة، وأنها كيف ترث، لكن كلام عمر: ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت.

أما عَمَلُه بحسب إقراره: ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني! ثم ذكر العلّة، وهو أمرٌ محيِّرٌ فعلاً، ﴿وَيُضِلُّ الله الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاءُ﴾(34).

لم يخجلوا حين عَدُّوا مثلَ هذا خليفةً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

من أراد المال فليأتني، لماذا؟ فإني خازنٌ للمال! أنا لست خازن الحلال والحرام، أنا لست مخزن القرآن، أن لست خزانة فرائض القرآن، أنا وارثُ قارون فقط! هذا الحديث الذي ينقله البيهقي!

ألم تخجل أيها الذهبي بأن تنسب في تذكرة الحفاظ هذه الرواية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنَّهُ لو كان بعدي نبيٌّ لكان ذلك النبي هو عُمَر هذا!

هذا هو إضلال الله ﴿وَيُضِلُّ الله الظَّالِمِينَ﴾، فليس هناك ظلمٌ أعلى من هذا، هذا اعترافه هو، واعترافه الآخر سبعين مرة: لولا عليّ لهلك عمر.

فكيف يصبح عليٌّ جليسَ بيته وهذا على منبر خاتم النبيين؟!

هل لكافة علماء العامة جوابٌ على بحث اليوم؟! ماذا يفعلون؟!

لو اجتمع علماء الأزهر والسعودية وغيرهم، فكلُّهم عاجزون عن الجواب، وهذا برهاننا.. اثنان واثنان أربعة، هذا العقل وهذا النقل: ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى﴾.

ألم تُفَكِّر أيها البيهقيّ مَعَ إقراره هذا واعترافه بنفي علم القرآن عن نفسه، ونفي علم الحلال والحرام والفرائض عن نفسه، وإثبات خزانته للمال، فبأيّ منطقٍ تعتبره خليفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

قال الله تعالى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً(35)، فبأيِّ منطقٍ يجلس مثل هذا مكانَ مَن عدّ الله تعالى عِلمه ﴿عَظِيماً﴾ ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ(36).

هل ينبغي أن يجلس مثل هذا مكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو عندما صار خليفةً لم يكن يعرف مسائل التيمم؟ هل ينبغي أن يجلس في مكان شخصٍ صار جليس بيته، وهو الذي قال عنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باعترافكم جميعاً: أنا مدينة العلم وعَليٌّ بابها! أنا دارُ الحكمة وعليٌّ بابها، فمن أراد الحكمة فليأت الباب.

فالنتيجة أن هذا الحديث موضوعٌ، وأنّ هذه النسبة لخاتم النبيين مردودةٌ بحسب العقل والكتاب والسنة.

كلُّ الناس أفقه من عمر

كان البحث(37) في هذا المطلب، وهو أنه ينبغي النظر في مباني اعتقادات العامة، وما هي، وينبغي تحقيق تلك المباني بلسان الحكمة وموازين العقل والكتاب والسنة.

والبحث في هذه الرواية التي نقلها الذهبيُّ في التذكرة في المجلد الأول في حالات الثاني: لو كان بعدي نبيٌّ لكان عمر.

وهذه النسبة للخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) مردودةٌ عقلاً وكتاباً وسنةً.

هذا المذهب مذهبُ العلم والحكمة، وليس مذهبَ السبّ والشتم في البحث، إنما المنطق والعقل والكتاب والسنة القطعية، والمرجع في البحث ينحصر بهذه الأمور.

وقد تقدّم البحث في بعض هذه الأقسام، وأن البحث في المقتضي والمانع هو القانون العقليّ في كل الأمور، فينبغي أن يوجد المقتضي لأيِّ أمرٍ، ويُفقَد المانع حتى يتحقّق ذلك الأمر.

وبطلان هذا الحديث ونسبته له (صلى الله عليه وآله وسلم) مبنيٌّ على هذا المنطق: أنّ في الأمة فردٌ أعلى وآخر أدنى، وينبغي المقارنة بين هذا الشخص وبين الأعلى، وبينه وبين الأدنى، وهذا سَير الحكمة والبرهان.

أما أعلى الأمة، فهو عليُّ بن أبي طالب، فينبغي النظر بما فعل هذا الرجل معه وما قال؟

لما رجع عدَّةٌ من الحجاج من مكة، وجاؤوا مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قالوا: من هو خليفة النبي؟ فقد عرضت لنا مسألة في الحج ونحن مبتلون بها، فهل نحن مُحرِمون أم لا؟ وهل الحجُّ صحيحٌ أم باطل؟

فلما جاؤوا إلى من جلس مكانه(صلى الله عليه وآله وسلم) قالوا: كنا مجموعة في حال الإحرام فأصبنا بيض نعام فكسرناه وأكلنا، فما تكليف حَجِّنا؟ وما وضع إحرامنا؟

ينقل أعاظم المحدثين من العامة قوله لهم: (اتبعوني)، وذهب أمامهم وهم خلفه إلى أن وجد أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان (يسوّي التراب بيده)، فذكروا له ما جرى، فقال (عليه السلام): يضربون الفحل قلائص(38) أبكاراً بعدد البيض فما نتج منها أهدوه.

وبعد أن بيّن الحكم، قال هذا الرجل نفسه لباب مدينة علم الرسول: فإن الإبل تخدج(39). قال أمير المؤمنين: والبيض يمرق(40).

لما سمع هذا الجواب قال: اللهم لا تنزل بي شديدةً إلا وأبو الحسن إلى جنبي(41)، هذا حاله مع من كان أعلى الأمة (عليه السلام).

والبحث مع إمام الناقدين الذهبي ونقله: لو كان بعدي نبيٌّ لكان عمر.

فهل تصح نسبة هذا الحديث للخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) مع هذا المستوى العلميّ؟

هذا أعلى الأمة، أما حاله مع أدناها، فقد روى ابن ابي الحديد أن عمر بن الخطاب:

مرَّ يوماً بشابٍّ من فتيان الأنصار وهو ظمآن، فاستسقاه، فجدَحَ(42) له ماءً بعَسَلٍ فلم يشربه، وقال: إن الله تعالى يقول: ﴿أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا﴾.

فقال له الفتى: يا أمير المؤمنين، إنّها ليست لك ولا لأحدٍ من هذه القبيلة، إقرأ ما قبلها: ﴿ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا﴾. فقال عمر: كل الناس أفقه من عمر! (43).

فاطلاع هذا الشاب على القرآن أكثر من خليفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!!

أيها الذهبي، هل هذا هو العلم؟ هل هذا هو المنطق؟ أن تنقل حديثاً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ إلى هذا الحدّ لا تفكر أنّ هذا الحديث موضوعٌ عن لسان الخاتم؟ ويستحيل أن يقول رسول الله عَن مِثلِ هذا: لو كان بعدي نبيٌّ لكان عمر!

وهذا برهانٌ قاطع على البطلان. والمهم هو أنّا نتيجة الجهل نضيِّعُ أنفسنا!

هذا الذهبي، وليرجع الجميع إلى تذكرة الحفاظ، فمن هو الذهبي؟ هو إمام الناقدين، إمام أهل الرجال ونقد الحديث هو هذا، يقول في حال عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لو كان بعدي نبيٌّ لكان عمر.

وقبل ذلك بورقةٍ يكتب في حالات أبي بكر فتكون أول جملة هي: (أفضل الأمّة) أبو بكر بن أبي قحافة!

أيها الذهبي، كلُّ عاقلٍ، ليس كلُّ عالمٍ، بل كلُّ عاقلٍ يدرك أنَّ ترجيح المرجوح على الراجح قبيحٌ عقلاً، وقُبحُ ترجيح المرجوح على الراجح ثابتٌ بالضرورة والبرهان من العقل والكتاب والسنة.

أما من الكتاب: ﴿فَمَن يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(44).

هذا نصُّ القرآن، وهذا شأن عمر، وهذا ابن ابي الحديد ينقل هذه القضية مع الشاب، والحجة تامةٌ بهذا الشكل.

يا ابن ابي الحديد: بأيِّ ميزانٍ تُقَدِّمُ هذا الجاهل الذي يقرّ على نفسه بأن كلَّ الناس أفقه منه، كيف تعدّه خليفة أعلم الأنبياء؟

هذا مذهبنا، فإن كان عند أزهر مصر جوابٌ، فليجيبوا مطالب بحثنا اليوم.

هذا كلام الذهبي إمام أهل الرجال، وكلام ابن ابي الحديد، وكلام بقية أعلام العامة، ثم يجلس مثل هذا مكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)! النبي الذي قال فيه تعالى ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ(45).

ومفهوم الشيء أعمُّ المفاهيم، وهو مُصَدَّرٌ ب(كلّ)، فكُلُّ شيءٍ في القرآن.. ﴿وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(46).

وبحسب بيان الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّ الإمام المبين هو علي بن أبي طالب: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ(47)، لكنَّه صار جليس داره!

وكل الناس أفقه من عمر حتى هذا الشاب، وحتى تلك المرأة الجالسة في حجرها، لكنّه يصبح خليفة خاتم النبيين؟!

أيُّ عقلٍ يوافق هذا المذهب؟ وأيّ كتاب؟ وأيّ سنة؟ ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

إن كنتم أهل القرآن فهذا القرآن، وإن كنتم أهل المنطق فهذا البرهان.

وإن كنتم أهل السنة فهذا صحيح البخاري ينقل قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): وقال لعليٍّ: أنت مني وأنا منك(48).

فبأيِّ منطق يصبح (عليه السلام) جليس بيته؟

ويصبح هذا خليفة خاتم النبيين؟

 


(1) ألقيَ هذا البحث يوم الإثنين 5 رجب 1435 هـ الموافق 5-5-2014 م.

(2) النساء20.

(3) رويت في مصادر عدة منها السنن الكبرى للبيهقي ج 7 ص 442 وغيره، والنقل هنا بالمعنى.

(4) البقرة233.

(5) الأحقاف15.

(6) ألقيَ هذا البحث يوم السبت 10 رجب 1435 هـ الموافق 10-5-2014 م.

(7) رجال الكشي ص224.

(8) الكافي ج1 ص69.

(9) تفسير الصافي ج1 ص36.

(10) شرح نهج البلاغة ج12 ص241.

(11) النور2.

(12) نُقِلَ الحديث هنا بالمعنى، وروي بصيغٍ عدّة، يُراجع الرياض النضرة في مناقب العشرة ج2 ص390، وحياة الحيوان الكبرى ج1 ص79.

(13) ألقيَ هذا البحث يوم الإثنين 12 رجب 1435 هـ الموافق 12-5-2014 م.

(14) تذكرة الحفاظ ج1 ص6.

(15) السنن الكبرى ج2 ص347 وص381.

(16) السنن الكبرى للبيهقي ج2 ص382.

(17) ألقيَ هذا البحث يوم السبت 17 رجب 1435 هـ الموافق 17-5-2014 م.

(18) تذكرة الحفاظ للذهبي ج1 ص6.

(19) ألقيَ هذا البحث يوم الإثنين 19 رجب 1435 هـ الموافق 19-5-2014 م.

(20) تذكرة الحفاظ ج1 ص6.

(21) ألقيَ هذا البحث يوم السبت 24 رجب 1435 هـ الموافق 24-5-2014 م.

(22) تذكرة الحفاظ ج1 ص7.

(23) تذكرة الحفاظ ج1 ص14.

(24) ألقيَ هذا البحث يوم السبت 2 شعبان 1435 هـ الموافق 31-5-2014 م.

(25) تذكرة الحفاظ ج1 ص7.

(26) تذكرة الحفاظ ج1 ص32.

(27) عمدة القاري ج2 ص169.

(28) صحيح مسلم ج1 ص193.

(29) صحيح البخاري ج1 ص91.

(30) ألقيَ هذا البحث يوم الأربعاء 2 ربيع الثاني 1437 هـ الموافق 13-1-2016 م.

(31) المستدرك على الصحيحين ج3 ص273 والسنن الكبرى ج6 ص210 وغيرها من المصادر.

(32) النحل89.

(33) الأنعام59.

(34) إبراهيم27.

(35) النساء113.

(36) النحل89.

(37) ألقيَ هذا البحث يوم الأربعاء 16 ربيع الثاني 1437 هـ الموافق 27-1-2016 م.

(38) النياق الشابة.

(39) أي تُلقي ولدها قبل تمامه.

(40) أي يفسد يقال مرقت البيضة مرقاً إذا فسدت وصارت ماء.

(41) تاريخ مدينة دمشق ج53 ص35 ونظم درر السمطين ص130، وذخائر العقبى ص82.

(42) خَلَطَ.

(43) شرح نهج البلاغة ج1 ص182.

(44) يونس35.

(45) النحل89.

(46) الأنعام59.

(47) يس12.

(48) صحيح البخاري ج3 ص168 وج4 ص207 وج5 ص85.

بقلم: الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2022/07/26  | |  القرّاء : 1655



للإنضمام إلى قناة العلم والإيمان (أنقر على الرمز الخاص) ->
| تلغرام | واتساب | يوتيوب | فيسبوك | انستغرام |


كتابة تعليق لموضوع : الفصل الثالث: الإمامة والأحاديث الموضوعة
الإسم * :
الدولة * :
بريدك الالكتروني * :
عنوان التعليق * :
نص التعليق * :
 

تصميم، برمجة وإستضافة :
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net