الصفحة الرئيسية

الكتب والمؤلفات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الكتب والمؤلفات PDF (9)
  • عرفان آل محمد (ع) (17)
  • الإلحاد في مهب الريح (12)
  • قبسات الهدى (14)
  • الثالوث والكتب السماوية (6)
  • الثالوث صليب العقل (8)
  • أنوار الإمامة (6)
  • الوديعة المقهورة (6)

المقالات والأبحاث :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التوحيد والعدل (13)
  • سيد الأنبياء محمد ص (13)
  • الإمامة والأئمة (28)
  • الإمام عين الحياة (16)
  • أمير المؤمنين عليه السلام (24)
  • السيدة الزهراء عليها السلام (48)
  • سيد الشهداء عليه السلام (47)
  • الإمام المنتظر عليه السلام (9)
  • لماذا صرتُ شيعياً؟ (7)
  • العلم والعلماء (15)
  • الأسرة والمرأة (8)
  • مقالات اجتماعية (19)
  • مقالات عامة ومتنوعة (58)
  • الموت والقيامة (24)

إتصل بنا

أرشيف المواضيع

البحث :




جديد الموقع :


 شَهيدُ الهُدى.. الحُسَينُ بنُ عَليّ (عليه السلام)
 287. الإمام الجواد.. والشيعة في زمن الغيبة!
 286. هَل يُغلَبُ رُسُلُ الله وحِزبُه؟!
 285. هل أراد الله بنا (شرَّاً) فحَجَبَ عنَّا (النَّصر)؟!
 284. لن يُمحَقَ دينُ محمد (ص)!
 283. ما حُكمُ (الجِهَادِ) في أيامنا؟!
 282. الجواد.. إمامٌ يعلمُ ما في النفوس!
 281. ما من خالقٍ.. إلا الله!
 280. هل بينك وبين الله قرابة؟!
 279. المَهديُّ إمامٌ.. تبكيه العيون!

مواضيع متنوعة :


 مقال9: شريعتي والأفيون المخدر في عاشوراء!
 144. فاطمة.. رُكنُ عَليٍّ.. المهدود !
 18. سقوط الحداثويين في عاشوراء
 193. فاطمة.. مريم الكبرى!
 42. الإمامُ عليّ.. بين (بطرس) و(الخلفاء)!
 مقال1: العلم في خدمة الدين
 89. جعفر الصادق.. (إِلَهٌ) أم (إمام) ؟!
 131. حَرارَةُ المَوت !
 3. مِنبَرُ العزاء.. مَعقِلُ الطُّهر والنَّقَاء !!
 مقال8: الملحد عدو نفسه

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2
  • الأقسام الفرعية : 22
  • عدد المواضيع : 356
  • التصفحات : 694713
  • التاريخ :



















  • القسم الرئيسي : الكتب والمؤلفات .
        • القسم الفرعي : أنوار الإمامة .
              • الموضوع : الفصل الخامس: قبساتٌ متنوّعة .

الفصل الخامس: قبساتٌ متنوّعة

الفصل الخامس: قبساتٌ متنوّعة

لماذا القتل الجماعي لشيعة باكستان والبحرين؟

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

إنّ وظيفة رجال الدين والحوزة العلمية، وخاصّة حوزة قم المقدسة، التي تُعَدُّ اليومَ مرجعاً لجميع أبناء الشيعة في أكناف العالم، تتلخصُّ في كلمةٍ واحدة، لكنَّ تلك الكلمة عبارةٌ عن كُتُبٍ في الواقع، وتلك الكلمة هي: كفالة أيتام آل محمد (عليهم السلام)، فما هي الكفالة؟ وما هو حدُّ الأيتام؟ ومَن هو طرف الإضافة للأيتام؟

إن أيتام آل محمد (عليهم السلام) في باكستان يُقتلون قتلاً عاماً، رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، فما هو جُرمُ هؤلاء؟ ألأنهم انتسبوا إلى هذا المذهب يعانون هذه الأمور؟ ماذا يحصل على هؤلاء الأيتام في البحرين أيضاً؟

المسألة مهمةٌ إلى حدٍّ كبير، فقد دلّت الروايات على أن الله سبحانه وتعالى يكتب لمن يمسح بيده على رأس يتيمٍ من الحسنات بعدد ما يمرّ تحت يده من شَعر، ويعطيه نوراً بعدده يطوي به ظُلُمات يوم القيامة، هذا أثر المسح على رأس اليتيم العادي.

وعندما ضُرب أمير المؤمنين (عليه السلام) ضربةً صرخ بعدها جبرائيل بين السماء والأرض: تهدّمت والله أركان الهدى، في ذلك الوقت قال (عليه السلام): الله الله فِي الْأَيْتَامِ.. لَا يَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُم‏، وليس اليتيم في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) محصوراً بيتيم الأب والأم، لقد كان يقول: الله الله في الأيتام، كما كان يقول: الله الله في القرآن.

هذا حال اليتيم العادي، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْن‏، وهو القائل: أَشَدُّ مِنْ يُتْمِ الْيَتِيمِ الَّذِي انْقَطَعَ عَنْ أُمِّهِ وَأَبِيهِ يُتْمُ يَتِيمٍ انْقَطَعَ عَنْ إِمَامِه، هذا نص كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأيتامُهُ الآن يقتلون قتلاً جماعياً!

ماذا ينبغي أن تفعل الحوزة العلمية؟ الخدمة البسيطة التي تتيسر لنا فعلاً هي أن تعطّل الحوزة يوم السبت احتراماً لدماء الشهداء في باكستان، والمظلومين في البحرين، وينبغي أن تأخذ كل الحوزات العلمية دورَها، فأولئك الأيتام لا ظَهرَ لهم، وقد فقدوا أباهم وأمهم.

هنيئاً لأولئك الآباء والأمهات، وسلامنا لكل أصحاب العزاء في باكستان، أما الرجال فهم يقيناً في أحضان أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأما النساء ففي حضن الصديقة الكبرى (عليها السلام)، وأما المصيبة فعلى رأس الأطفال المظلومين!!

بعد الحرب العالمية الثانية، عقدت الأمم المتحدة جلسةً في باريس، أصدر فيها الحقوقيون والمفكرون بياناً حول تنظيم حقوق الإنسان، ونشرت الأمم المتحدة هذا البيان، ومواده ثلاثون مادة، ونَصَّ البيانُ أنّ كلّ زعماء الدول مسؤولين عن تنفيذ هذه المواد وعدم تجاوزها.

ونصّت المادة الأولى على أن كلَّ أفراد نوع الإنسان يولدون أحراراً، وأنّهم متساوون في الحرية والحقوق، أي أنّ رئيس جمهورية أمريكا كالمرأة التي تُقتَلُ في المكان الفلاني في باكستان، متساوون في الحقوق، وعليهم أن يعيشوا معاً كأخوة.

هذا القانون تعهد بالالتزام به كافة الرؤساء وكان تطبيقه من مسؤوليتهم!!

فهل فعلاً كان رؤساء الجمهوريات في أوروبا وأمريكا وملكة بريطانيا متساوين في الحرمة والحقوق مع أولئك الذين يقطنون في الدول التي استعمروها بواسطة أذنابهم من الحكام والأمراء؟!

ونصّت المادة الثالثة لشرعة حقوق الانسان أنّ لكل فردٍ مهما كانت ملّته أن يحيا بحريةٍ وأمانٍ دون أيّ تمييز، فهل يتمتع شيعة باكستان والبحرين بالأمن تحت سلطة أذنابكم؟ هل قامت مؤسسة الأمم المتحدة التي تعهدت بحفظ هذا الميثاق كلمةً كلمة بفعل شيء مقابل ما يحصل؟

لقد صادرت أُسَرٌ معينة قرار دولٍ كاملة، على مرأى ومسمع من كل الدنيا التي تتبع أوامر أميركا وأوروبا، فبأي منطقٍ وبأي شُرعةٍ من حقوق الإنسان يحصل ذلك؟ ثم يُعطَى هؤلاء الحكام الكراسي في الأمم المتحدة!!

أليس هناك من يسأل ذلك الذي يدّعي أنه أمين عام الأمم المتحدة عن ذلك؟ وأنّ ذلك الجالس على الكرسيّ يأخذ وعائلته ثروةَ بلدٍ بأكمله ويضع المليارات في حسابه؟ وتبقى في المقابل جماعاتٌ في السجون بلا محاكمةٍ لسنوات!! ويُحرَمُون من كلّ الحقوق الإنسانية، فهل هذه شرعة الأمم المتحدة؟ هذا حال الدنيا اليوم.

وتنص المادة الثانية على أنّه لا فرق بين كافة البشر على اختلاف اللون والمذهب والعقيدة الدينية والسياسية، ولا تمييز بينهم في الحقوق والحريات.

فمِن جهةٍ ينشرون هذا الكلام، ومن جهةٍ أخرى يرسلون السلاح والمال فيُقتل به الأطفال والنساء، هذا حال الأمم المتحدة.

لن يبقى للأمم المتحدة ماءُ وجهٍ، فقد ذَهَبَ مع الريح.

فتجد هذه الحقوق في يد الجميع عندهم، بيد من يملك حق النقض الفيتو ويرسل السلاح وملايين الدولارات لقتل الناس، ويجلس في الأمم المتحدة ومنشور الأمم المتحدة بيده، وفي المقابل يجلس ذلك الذي يُقتل أهلُه وقومُه بنفس الطريقة وبيده المنشور أيضاً!!

هذه أوّل شرعةٍ لحقوق الإنسان دوّنت في باريس، فما يجري وقاحةٌ وانعدامٌ للخجل.

قبل أكثر من ألف سنةٍ على تدوين شرعة حقوق الإنسان، عاش شخصٌ كانت تحت يده امبراطورية الروم وممالك إيران، وبيده كلّ ثروة العالم، وكان يجلس ليفطر على خبز شعيرٍ وملح، ويقول: لَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ، وَلَا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ!!

فهل هذا هو عدم التمييز أم ذاك؟!

لقد طارت حقوق الإنسان عندكم مع الريح، وكان (عليه السلام) هو الذي أحياها، لقد كانت الدنيا في قبضته، فنادى السبطَ الأكبرَ للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وأعطاه ثلاث دنانير، ونادى عبداً حبشياً وأعطاه ثلاث دنانير أيضاً، هذه حقوق الإنسان أم الأمم المتحدة التي تنادون بها؟

حقوق الإنسان أن يأتي مع خَدَمَته إلى وسط السوق عندما كانت امبراطورية الروم ومملكة إيران في يده، فيشتري قميصاً بأربعة دراهم، وقميصاً بدرهمين، ويعطي الأول لخادمه ويلبس قميص الدرهمين، فيقول الخادم: أنت أمير المؤمنين، البس أنت هذا القميص، فيقول له: أنت شاب، وأمامك عُمْرٌ لتقضيه، فهل هذه مراعاة الحقوق أم تلك؟

أيها المظلومون، إن مُحيي حقوق الإنسان ومُطَبِّقها هو الذي مَرَّ بشيخٍ مكفوفٍ كبيرٍ يسأل، فَقَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): مَا هَذَا؟ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ نَصْرَانِيٌّ..

فَقَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِين (عليه السلام): اسْتَعْمَلْتُمُوهُ حَتَّى إِذَا كَبِرَ وَعَجَزَ مَنَعْتُمُوهُ، أَنْفِقُوا عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ المَالِ. فسجَّلَ إسمَ النصرانيّ إلى جانب أولاده (عليهم السلام) في بيت المال.

فأين هي حقوق الإنسان من هذا القتل والتعذيب في باكستان وغيرها؟

إنّ حقوق الإنسان تتجسد في مَن قال عندما سمع عن سلب خلخالٍ من قَدَمِ ابنة يهوديٍّ:

فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً، مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً، بَلْ كَانَ عِنْدِي بِهِ جَدِيراً!!

أين هي حقوق الإنسان؟ للأسف فإنّ أول المظلومين لم يُعرَف بعد، وهو مَن كان قيام الإنسانية في وجوده، وفي ذلك اليوم الذي كانت الدنيا في قبضته وقدرته، وكانت تصله كنوز العالم فتُفَرِّغُ قوافلُ الجمالِ المالَ في بيت المال تحت يده، كان يسقي ويصرف على نفسه مِن عَمَلِ يده ثم يوزع ما يزيد، قسماً في الليل وقسماً في النهار، وقسماً في العلن وقسماً في السر: ﴿الَّذينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرّاً وَعَلانِيَة﴾.

فهل هذه حقوق الإنسان أم تلك؟

الوهابية كفرٌ بلباس الإسلام!

بسم الله الرحمن الرحيم(2)

قال تعالى ﴿وَجَاء مِنْ أَقْصَى المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ﴾(3).

روي في مصادر العامة: أخرج أبو داود وأبو نعيم وابن عساكر والديلمي عن أبي ليل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي قال ﴿يا قوم اتبعوا المرسلين﴾، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال ﴿أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله﴾، وعليُّ بن أبي طالب وهو أفضلهم(4).

هذه الرواية من مصادر العامة وتتميَّز بتعدُّد طرقها، ولو لم تكن إلا هي لكانت عبرةً لهذه الأمة، فإن المؤمنين على درجات، وعليٌّ (عليه السلام) في أعلاها، وفي أعلى مراتب الصدّيقين، بل أفضلهم!

ثم إن معاوية منشأ الضلال قد منع ذكر فضائل علي (عليه السلام)، وأعطى مبالغ من بيت المال للمحدِّثين لجعل الأحاديث واختلاقِها، ومن ذلك أنّ قوله تعالى ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ الله﴾(5)، قد نزل في ابن ملجم!! ومن هنا تتضح جذور ومناشئ أحاديث العامة.

وما اكتفوا بقتل عليٍّ (عليه السلام) وجملةٍ من أصحابه حتى هدموا قبر بعضهم في دمشق، هذه حقائقُ يجب أن يعرفها العالم.

لقد نقل ابن الأثير هذه الرواية وهو يعدُّ من أكبر شخصيات الحديث والعلم عند مختلف المذاهب الإسلامية، ويتضح من ذلك أنّ: الوهابية كفرٌ بلباس الإسلام! وإلحادٌ في صورة إيمان!

يروون أن معاوية دخل على عائشة فقالت: ما حملك على قتل حِجر وأصحابه؟

فقال: يا أم المؤمنين أني رأيت قتلهم صلاحاً للأمة، وأن بقاءهم فساداً للأمة!!

فقالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: سيُقتَلُ بعذراء ناسٌ يغضب الله لهم وأهل السماء(6).

فمن هو هذا الرجل الذي يغضب الله لقتله وأهل السماء؟ وهل تتمكن الوهابية السعودية من تبرير ما فَعَلَت؟

يروون أن ابن عمر كان في السوق فنُعِيَ إليه حِجرٌ فأطلق حبوته وقام وقد غَلَبَه النحيب!

ولما بلغ الربيع بن زياد الحارثي وكان عاملاً لمعاوية على خراسان قتل حجر دعا الله عز وجل وقال: اللهم ان كان للربيع عندك خيرٌ فاقبضه إليك وعجل، فلم يبرح من مجلسه حتى مات(7).

قبرُ مَن هذا الذي هُدِمَ بخلاف فتوى أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل؟ بخلاف إجماع المذاهب الأربعة. ومَن الذي أُهِين بفعلهم؟

لقد وضع الإلحادُ يدَه بِيَدِ الكفر اليوم للضغط على الشيعة.

يقول ابن الأثير فيمن أهانوا قبره في أطراف دمشق: وكان مُجَابَ الدَّعوة.

أي أنّ الله تعالى لم يكن يردّ دعاءه، وهو تلميذُ الصدِّيق الأكبر، أفضل الصديقين الثلاثة.

في ليلة العشرين من شهر رمضان المبارك، بعد أن ضُرِبَ مَن صرخ لضربته جبرائيل: تهدمت والله أركان الهدى، قام إليه حجر بن عدي الطائي وقال:

فيا أسفى على المولى التقي * * * أبو الأطهار حيدرة الزكي

قتلــه كافر حنث زنيـــم * * * لعين فــاسق نغل شقــي

فيلعن ربنا من حاد عنكم * * * ويبرء منكــــم لعنـاً وبي

لأنكم بيوم الحشر ذخري * * * وأنتم عترة الهــادي النبي

فلما بَصُرَ به وسَمِعَ شِعره قال له: كيف لي بك إذا دُعيتَ إلى البراءة مني، فما عساك أن تقول؟

فقال: والله يا أمير المؤمنين، لو قُطِّعتُ بالسيف إرباً إرباً، وأضرم لي النار، وألقيتُ فيها، لآثرت ذلك على البراءة منك.

فقال: وُفِّقتَ لكلِّ خيرٍ يا حجر، جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيّك(8).

هل وصل أحدٌ في العالم لهذا المقام الذي يدعو له أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا الدعاء المحيِّر للعقول؟

غداً ليلة الرغائب، ليلة الجمعة الأولى من شهر رجب، فليدعُ المؤمنون في المساجد أن يدفع الله شرَّ الملحدين والكفار عن شيعة سوريا والبحرين.

إنّ وظيفة الجميع اليوم أن يدعوا لنجاة شيعة سوريا والبحرين.

إلهي بضلع فاطمة الكسير، وبحرقة قلب عليٍّ المرتضى قُربَ قَبرِ الصديقة الكبرى، خَلِّص شيعة الدنيا من شَرِّ الكفار والملحدين.

بعضُ دعاة الوحدة: نساءٌ لَبِسنَ عِمَّةً وعباءة!

بسم الله الرحمن الرحيم(9)

ثبت أن (ذي القربى) في آية الخمس هو الإمام (عليه السلام): ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لله خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى‏ وَالْيَتامى‏ وَالمَساكينِ وَابْنِ السَّبيل‏﴾، فسَهم ذي القربى للإمام (عليه السلام)، وسهم الله تعالى والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ينتقل إليه أيضاً بمقتضى الروايات المعتبرة، وقد فَرَغنا من هذه الجهة.

وههنا بحثٌ: أنَّهُ لو كان ذو القربى عبارة عن الإمام، فبناء على ذلك لا يشمل الصديقة الكبرى، لأنها ليست داخلة في الأئمة.

وجواب هذا السؤال: أنّ (ذي القربى) يشمل الصدِّيقة الكبرى بنصّ القرآن، ويشمل الإمام أيضاً، فجميع الأئمة من الإمام الحسن إلى إمام الزمان (عليهم السلام) هم ذوو القربى بِتَوَسُّط فاطمة الزهراء (عليها السلام)، المهمّ هو هذا.

وهذا هو مقتضى نصّ القرآن، والمطلب مهمٌ إلى حدِّ أنّ الفخر الرازي قد أُسقِطَ في يده فيه ووقف عاجزاً، ومثله الزمخشري وابن مسعود وأساطين مفسري العامة، فقد اعترفوا أن الحقّ في قوله تعالى ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّه‏﴾ هو فدك، وأنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أُمِرَ بإعطاء فدك لذي القربى، وصغرى هذا الأمر بحسب عمل الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الإعطاء لفاطمة الزهراء (عليها السلام).

غاية الأمر أنّا لم نعرف قدرة هذا المذهب، فقضيّة فدك برهانٌ قاطعٌ على بطلان كل مذاهب العامة، وبرهانٌ قاطعٌ على أحقية مذهب الشيعة.

إنّ بعض الأميين والجهلة اليوم يتجاوزون حتى عن دم بضعة الخاتم دون خجلٍ في سبيل الوحدة!!

إنّ النور والظلمة ليسا قابلين للصلح!

عُمَرُ عابدُ الصنم، شاربُ الخمر، وهذا مورد تصديق أعاظم الخاصة، وعبادته للصنم أمرٌ مُسَلَّمٌ بلا إشكال.

أما جهله، فقد صار خليفةً وهو لا يعرف تَيمُّم الصلاة، وعمار بن ياسر علّمه ذلك!

للأسف فإن العلم أصبح قليلاً والخوف أصبح كبيراً! والجهلُ يولِّدُ الخوف.

للأسف أننا لم نعرف أنفسنا ولم نعرف الميراث الذي وَصَلَنا، هذا ميراث الحسن بن يوسف بن المطهر الحلّي، فهذا هو الرجل..

وهذه الأيام أيامُ الجُبَنَاء! الذين يُضَيِّعُون المذهب بجهلهم! الذين يخضعون للسُّنيّ.

جَلَسَ هذا الرجل (العلامة الحلي) صباحاً، ولمّا أذن المؤذن ظهراً كانت قد تغيّرت البلاد، فقد أعطى سلطان ذلك الوقت أمراً بأن يُذكَرَ عليُّ بن أبي طالبٍ في كلّ البلاد وعلى المنابر، هذا فنُّ العلاّمة.. أما نحن عديمي القيمة فإنّا نضيّع أنفسنا مقابل ثلّةٍ من السُنَّة الجهلة!

هذه مصيبتنا، وكلُّ هذا في سبيل الوحدة، لكن لا يفهمون أن الوحدة مستحيلةٌ بين النور والظلمة! الوحدةُ مستحيلةٌ بين عليٍّ وأبي بكر! فمَن هذا ومَن ذاك؟!

أما عليٌّ فهو القائل باتفاق العامة والخاصة: سَلوني قبل أن تفقدوني، أمّا ذاك فمَن هو؟ مَن كان اعترافه: وُلّيتكم ولست بخيركم.

في اليوم الذي جلس فيه أبو بكر على الكرسي جاءت امرأة أسقطت سمعته! إن كان عند الأزهر جوابٌ فليجيبوا، جاءت وقالت: ما ميراث الجدّة؟ تحيّر أبو بكر.. جاهلٌ جلس مكان من قال عنه تعالى ﴿وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظيما﴾(10).

إنّ إنسانية الإنسان بأمرين، أحدهما العلم، وثانيهما الخُلُق، وفي القرآن الكريم وصف الله العليُّ العظيم عِلمَ نبيّه بالعظمة وخُلُقَه بالعظمة، فقال في خُلُقه ﴿إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيم‏﴾، وفي علمه ﴿وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظيماً﴾، فمن أجلسوا في مكانه؟

عندما تغيب الشمس يجلس مكانها القمر، وفي السوق تحلّ الفضة بدل الذهب، أما وِفق مسلك العامة، فبدلاً من أن يجلس مكان من كان مُعَلِّمَاً لتمام الأنبياء والمرسلين مَن كان أقربهم له (صلى الله عليه وآله وسلم)، جلس من كان يقول: كلُّ الناس أعلم من عُمَر حتى المخدّرات في الحجال! هذا إقراره وباعتراف الفخر الرازي.

على أيّ حال، المسألة مفصلةٌ جداً، والنكتة المهمة هي أنّه ينبغي أن تصيروا فقهاء فتكونوا رجالاً.. إن لم تصيروا فقهاء فلستم رجالاً!

الرجل لا يكون منفعلاً (متأثِّراً)، بل يكون فاعلاً (مؤثِّراً)! وهؤلاء المنفعلون (المتأثرون) بالعامة نساءٌ لكن يلبِسن عِمّة وعباءة!

وليس هذا الكلام مخالفاً للتقية، بل هذا من الحكمة، وقد قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.

لما نصّب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) لم ينصبه لكي نخسر أنا وأنت علي بن أبي طالب! وظيفتنا هي الكلام بالحكمة.

هذا من جهة: أنا مدينة العلم وعليٌ بابها.. سلوني قبل أن تفقدوني..

ومن جهةٍ أخرى: أنظروا في صحيح مسلم (باب التيمم) فهو حجةٌ على تمام العامة، جاء شخصٌ (لعمر) وسأله أني قد أجنبت فماذا أفعل؟

قال مِن على منبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا أيضا أجنبت فلم أصلِّ شهراً!

ثم قام أحدهم فقال: ﴿وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ﴾ وقرأ الآية إلى أن وصل إلى قوله تعالى ﴿فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً﴾ عندها تَعَرَّفَ خليفة النبي على التيمم!

هكذا تكلموا فتعجز الدنيا كلها وفق الدليل، أيها الفخر الرازي هذا ليس لعبةً، لقد نقل كلُّ أعاظم المفسرين نص القرآن: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّه‏﴾، فمن هم ذو القربى؟ لقد نادى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الزهراء (عليها السلام) وأعطاها فدكاً.

أنظروا صحيح البخاري، صحيح البخاري موجودٌ، كونوا رجالاً، هذا هو الفن: أن تُثبِتَ غصب أبي بكر وعمر بالبرهان، وتُثبِتَ الظلم الذي ليس له سابقةٌ على مر التاريخ(11).

سَكرةُ الموت.. وحسرةُ الفوت!!

بسم الله الرحمن الرحيم(12)

إنَّ لِبَاب مدينة العلم، أمير المؤمنين (عليه السلام) عبارَةٌ في نهج البلاغة عن الموت وما بعده: فَغَيْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِم: اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ سَكْرَةُ المَوْتِ وَحَسْرَةُ الفَوْت.

وقد سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أَيُّ المُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟

قَالَ: أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً لِلْمَوْتِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ اسْتِعْدَاداً(13).

فإذا كان غيرَ قابل للوصف في بيان علي (عليه السلام)! فأيُّ بيانٍ يمكنه أن يبيّن حال خروج الروح منا؟!

على أنّ تَتَبُّعَ الروايات يوضحُ كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإنّ فيها كلاماً ليحيى بن زكريا عن الموت، وهو الذي سَلَّمَ الله عليه ثلاث مرات: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً(14)، فصلى عليه ذات القدوس، رب الأرباب، مالك الملك يوم يموت.. هكذا كان كلامه (عليه السلام) عن الموت:

روى ثقة الإسلام الكليني أعلى الله مقامه في الكافي، والرواية عن أبي عبد الله عليه السلام: إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ جَاءَ إِلَى قَبْرِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا (عليه السلام) وَكَانَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُحْيِيَهُ لَهُ، فَدَعَاهُ فَأَجَابَهُ وَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنَ القَبْرِ، فَقَالَ لَهُ: مَا تُرِيدُ مِنِّي؟

الداعي عيسى بن مريم (عليه السلام) كلمة الله وروحه، والمدعوّ يحيى بن زكريا.

فَقَالَ لَهُ: أُرِيدُ أَنْ تُؤْنِسَنِي كَمَا كُنْتَ فِي الدُّنْيَا.

فَقَالَ لَهُ: يَا عِيسَى مَا سَكَنَتْ عَنِّي حَرَارَةُ المَوْتِ!

إذا كان هذا حال يحيى، فما حالنا نحن؟! هذه الروايات محيرة!

وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُعِيدَنِي إِلَى الدُّنْيَا، وَتَعُودَ عَلَيَّ حَرَارَةُ المَوْتِ، فَتَرَكَهُ فَعَادَ إِلَى قَبْرِه(15).

إذا كان الموت قد فَعَلَ هذا بيحيى، فماذا سيفعل بالآخرين؟!

وهذه رواية أخرى في الكافي، وسندها قوي: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ الكُنَاسِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: إِنَّ فِتْيَةً مِنْ أَوْلَادِ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا مُتَعَبِّدِينَ وَكَانَتِ العِبَادَةُ فِي أَوْلَادِ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

وَإِنَّهُمْ خَرَجُوا يَسِيرُونَ فِي البِلَادِ لِيَعْتَبِرُوا فَمَرُّوا بِقَبْر عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ قَدْ سَفَى عَلَيْهِ السَّافِي، لَيْسَ يُبَيَّنُ مِنْهُ إِلَّا رَسْمُهُ فَقَالُوا: لَوْ دَعَوْنَا الله السَّاعَةَ فَيَنْشُرَ لَنَا صَاحِبَ هَذَا القَبْرِ فَسَاءَلْنَاهُ كَيْفَ وَجَدَ طَعْمَ المَوْتِ.

فَدَعَوُا الله وَكَانَ دُعَاؤُهُمُ الَّذِي دَعَوُا الله بِهِ: أَنْتَ إِلَهُنَا يَا رَبَّنَا لَيْسَ لَنَا إِلَهٌ غَيْرُكَ، وَالبَدِيعُ الدَّائِمُ غَيْرُ الغَافِلِ، وَالحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، لَكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ شَأْنٌ، تَعْلَمُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ، انْشُرْ لَنَا هَذَا المَيِّتَ بِقُدْرَتِكَ.

قَالَ: فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ القَبْرِ رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ التُّرَابِ، فَزِعاً شَاخِصاً بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا يُوقِفُكُمْ عَلَى قَبْرِي؟

فَقَالُوا: دَعَوْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ: كَيْفَ وَجَدْتَ طَعْمَ المَوْتِ؟

فَقَالَ لَهُمْ: لَقَدْ سَكَنْتُ فِي قَبْرِي تِسْعاً وَتِسْعِينَ سَنَةً مَا ذَهَبَ عَنِّي أَلَمُ المَوْتِ وَكَرْبُهُ، وَلَا خَرَجَ مَرَارَةُ طَعْمِ المَوْتِ مِنْ حَلْقِي.

فَقَالُوا لَهُ: مِتَّ يَوْمَ مِتَّ وَأَنْتَ عَلَى مَا نَرَى أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنْ لمَّا سَمِعْتُ الصَّيْحَةَ: اخْرُجْ، اجْتَمَعَتْ تُرْبَةُ عِظَامِي إِلَى رُوحِي فَبَقِيَتْ فِيهِ، فَخَرَجْتُ فَزِعاً شَاخِصاً بَصَرِي مُهْطِعاً إِلَى صَوْتِ الدَّاعِي فَابْيَضَّ لِذَلِكَ رَأْسِي وَلِحْيَتِي(16).

لم يكن رأسه ولحيته قد ابيض قبل الموت، لكنه ابيضّ لما خرج فزعاً!

هذا يبيّن كلامه سلام الله عليه: فَغَيْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِم!

فإذا كان يحيى بن زكريا مع ما ثبت له من تلك المقامات ممن لم تسكن عنه حرارة الموت! فما هو حال الآخرين؟!

هنيئاً لمن ذهبوا من الدنيا وحملوا مِن أفضل زاد: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾، فما الذي ينبغي فعله للهروب من الفقر في يوم المصيبة هذا؟!

لقد بيّنت ذلك النصوص الشريفة، ومِن ذلك أمور:

الأول: الصدقة الجارية.

الثاني: السُنَّةُ الحسنة: مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْر مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

اغتنموا أيام العطل، واذهبوا إلى المناطق المحرومة من التربية والتعليم الديني، فإن أرجعتم أحداً لله بالتوبة كان ذلك أفضل ذخيرةٍ للموت!

انظروا من كان بعيداً عن أحكام الدين أو مبتلىً بشبهةٍ من أهل الشبهات، واعمَلوا على إحكام عقيدته ومحو الشبهة من نظره، فهذه هي ذخيرة الموت!

للأسف فقد انقضى العمر ولم نفهم ما الذي أمامنا وينتظرنا.

إنّ الشدة عظيمةٌ إلى حدّ أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول فيها: آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَطُولِ الطَّرِيقِ وَبُعْدِ السَّفَر!

إذا كان هذا كلامه (عليه السلام)، وهو مَن كان يتململ تملمُلَ السليم ويبكي بكاء الحزين، فماذا نعمل نحن المساكين؟!

علينا أن نتوجه إلى وليّ العصر ليساعدنا، فما حالنا إن لم يساعدنا عند الحاجة؟

لا تتركوا دعاء العهد عند الصباح، علّ وعسى ينظر إلينا في يوم من الأيام، فإذا نظر إلينا حُلّت كل مشاكلنا، وهينئاً لمن كانَ محطّ عنايته ومورد لطفه (عليه السلام).

روايةٌ أخرى في كتاب الكافي الشريف أيضاً وسندها تامٌّ وهو حجّةٌ في مقام الفتوى: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) اشْتَكَى عَيْنَهُ فَعَادَهُ النَّبِيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَإِذَا هُوَ يَصِيحُ: كان الوجع إلى حد أن مثله (عليه السلام) كان يصيح من الوجع!

فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم): أَ جَزَعاً أَمْ وَجَعاً؟

فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله مَا وَجِعْتُ وَجَعاً قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ.

فَقَالَ: يَا عَلِيُّ إِنَّ مَلَكَ المَوْتِ إِذَا نَزَلَ لِقَبْضِ رُوحِ الكَافِرِ نَزَلَ مَعَهُ سَفُّودٌ مِنْ نَارٍ فَيَنْزِعُ رُوحَهُ بِهِ فَتَصِيحُ جَهَنَّمُ.

فَاسْتَوَى عَلِيٌّ (عليه السلام) جَالِساً فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَعِدْ عَلَيَّ حَدِيثَكَ، فَلَقَدْ أَنْسَانِي وَجَعِي مَا قُلْتَ.

ثُمَّ قَالَ: هَلْ يُصِيبُ ذَلِكَ أَحَداً مِنْ أُمَّتِك؟

قَالَ: نَعَمْ، حَاكِمٌ جَائِرٌ، وَآكِلُ مَالِ اليَتِيمِ ظُلْماً، وَشَاهِدُ زُورٍ(17).

فهذا السفود من النار أيضاً يُستعمَلُ في قبض الأرواح في هذه الأمة!

والحمد لله رب العالمين

 


(1) ألقيَ هذا البحث يوم الأربعاء  23 ربيع الثاني 1434 هـ الموافق 3-3-2013 م.

(2) ألقيَ هذا البحث يوم الأربعاء 5 رجب 1434 هـ  الموافق 15-5-2013 م، بعد الذي تعرَّض له قبرُ الصحابي الجليل حجر بن عدي قرب دمشق.

(3) يس20.

(4) الدر المنثور للسيوطي ج5 ص262.

(5) لقمان6.

(6) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج12 ص226.

(7) أسد الغابة لابن الاثير ج1 ص386.

(8) بحار الأنوار ج42 ص290.

(9) ألقيَ هذا البحث يوم الإثنين 14 ربيع الثاني 1437 الموافق 25-1-2016 م، وكان بحثاً فقهياً حول تحديد (ذي القربى) في آية الخمس جرَّ إلى بعض المفردات العقائدية.

(10) النساء113.

(11) مع بداية البحث اللاحق لهذه الجلسة، عاد سماحة الشيخ وتعرَّض لما ذكره فيها مجدداً، وبعد أن نعى الفقه والفقهاء في أيامنا، عرّج على الشهيد الأول وبَيّن عظمته، ثم تحدث عن قتله وتعليق جنازته ليخلص بقوله: السُّنة أشقياء هكذا.. ثم تحدث عن (بعض العوام الذين يلبِسون العمامة ويعترضون علينا) من جهة التركيز على طرح المباحث عن العامة إلى هذا الحدّ، ليربط هذه الأبحاث بما جرى مع أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى بقي 25 سنة وحاله: في العين قذىً وفي الحلق شجى.. ثم عاد ليصف هؤلاء المعترضين بـ(العمائم الجاهلة)، خاتماً بمصيبة الزهراء (عليها السلام)، ليصبح الدرس أشبه بمجلس عزاءٍ خَتَمَهُ ببيتٍ لمن عبر عنه بـ(أستاذ الكلّ في الكلّ) الشيخ الأصفهاني: ولست أدري خبر المسمار * * * سَل صدرها خزانة الأسرار.

(12) ألقيَ هذا البحث يوم الأربعاء 16 ذي الحجة 1436 هـ الموافق 30-9-2015 م.

(13) الكافي ج3 ص258.

(14) مريم15.

(15) الكافي ج3 ص260.

(16) الكافي ج3 ص260.

(17) الكافي ج3 ص253.

بقلم: الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2022/07/26  | |  القرّاء : 1615



للإنضمام إلى قناة العلم والإيمان (أنقر على الرمز الخاص) ->
| تلغرام | واتساب | يوتيوب | فيسبوك | انستغرام |


كتابة تعليق لموضوع : الفصل الخامس: قبساتٌ متنوّعة
الإسم * :
الدولة * :
بريدك الالكتروني * :
عنوان التعليق * :
نص التعليق * :
 

تصميم، برمجة وإستضافة :
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net