الصفحة الرئيسية

الكتب والمؤلفات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الكتب والمؤلفات PDF (9)
  • عرفان آل محمد (ع) (17)
  • الإلحاد في مهب الريح (12)
  • قبسات الهدى (14)
  • الثالوث والكتب السماوية (6)
  • الثالوث صليب العقل (8)
  • أنوار الإمامة (6)
  • الوديعة المقهورة (6)

المقالات والأبحاث :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التوحيد والعدل (13)
  • سيد الأنبياء محمد ص (13)
  • الإمامة والأئمة (28)
  • الإمام عين الحياة (16)
  • أمير المؤمنين عليه السلام (24)
  • السيدة الزهراء عليها السلام (48)
  • سيد الشهداء عليه السلام (47)
  • الإمام المنتظر عليه السلام (9)
  • لماذا صرتُ شيعياً؟ (7)
  • العلم والعلماء (15)
  • الأسرة والمرأة (8)
  • مقالات اجتماعية (19)
  • مقالات عامة ومتنوعة (58)
  • الموت والقيامة (24)

إتصل بنا

أرشيف المواضيع

البحث :




جديد الموقع :


 شَهيدُ الهُدى.. الحُسَينُ بنُ عَليّ (عليه السلام)
 287. الإمام الجواد.. والشيعة في زمن الغيبة!
 286. هَل يُغلَبُ رُسُلُ الله وحِزبُه؟!
 285. هل أراد الله بنا (شرَّاً) فحَجَبَ عنَّا (النَّصر)؟!
 284. لن يُمحَقَ دينُ محمد (ص)!
 283. ما حُكمُ (الجِهَادِ) في أيامنا؟!
 282. الجواد.. إمامٌ يعلمُ ما في النفوس!
 281. ما من خالقٍ.. إلا الله!
 280. هل بينك وبين الله قرابة؟!
 279. المَهديُّ إمامٌ.. تبكيه العيون!

مواضيع متنوعة :


 220. عَمِيَت عَينٌ.. لا تَرَاك.. يا صاحب الزَّمان!
 181. الحج جِهَادُ الضُّعَفاء!
 247. الإمام الحسين.. وشيعة الشَّيطان!
 218. ما فائدة الإمام الغائب؟
 256. ما أعجز أئمتكم أيها الشيعة!
 235. لا غائبَ.. أقرَبُ منَ الموت!
 265. العقل.. والطمأنينة الزائفة!
 277. المَرَض.. سِرٌّ من سِرِّ الله!
 مقال9: إلحاد أم عناد؟! أين الله؟!
 64. يومَ بُعِثَ محمدٌ.. وعليّ!!

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2
  • الأقسام الفرعية : 22
  • عدد المواضيع : 356
  • التصفحات : 694719
  • التاريخ :



















  • القسم الرئيسي : الكتب والمؤلفات .
        • القسم الفرعي : الإلحاد في مهب الريح .
              • الموضوع : مقال9: إلحاد أم عناد؟! أين الله؟! .

مقال9: إلحاد أم عناد؟! أين الله؟!

مقال9: إلحاد أم عناد؟! أين الله؟!

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): مَنْ صَارَعَ الْحَقَّ صَرَعَه(2).

وعن الباقر (عليه السلام): من عاند الحق لزمه الوهن(3).

يلخص هذان الحديثان الشريفان حال من حادَ عن الحق معانداً، سواء كان ملحداً أم مُتَلَبِّساً بلبوس الدين مستأكلاً به.

وفيما يلي يزداد أمر عناد الملحدين وضوحاً وجلاءً.. حتى يصرعهم الحق فلا يستقيم لهم بعد ذلك شيء من أمورهم..

1. هل تخضع الماورائيات للمختبرات؟!

يحاول العلماء الملحدون إنكار وجود الله تعالى لأن (الأبحاث المختبرية) لم تثبت وجوده كما يقولون.

ومن التزم بهذه القاعدة بقوة أنكر وجود (الروح والنفس والإرادة) أيضاً لأن المختبرات لم تتمكن من رصدها! رغم وضوح آثارها..

ولما قيل لهم أن الموجودات تنقسم إلى:

1. موجودات مادية.

2. موجودات غير مادية وهي ما يعبر عنها بـ(ما فوق الطبيعة).

قالوا أنّ بالإمكان إجراء الاختبارات حتى على الموجودات غير المادية، وأن هذا صار ممكناً بعد تطور التقنيات الحديثة، وبالتالي فإن أجرَينا اختبارات لاثبات وجود الله ولم نتمكن من التوصل لنتيجة مختبرية فإن هذا كافٍ في إمكان جحوده تعالى وإنكار وجوده!

قال الملحد فيكتور ستينغر Victor Stenger بروفيسور الفيزياء والفلك في كتابه عن الله:

 ان عدداً من العمليات الفوق طبيعية أو غير المادية المفترضة يمكن اختبارها تجريبياً باستخدام الطرق العلمية القياسية(4).

لكن استدلالهم هذا عقيم جداً..

إذ أنه على فرض التسليم بإمكان اخضاع الماورائيات إلى الاختبارات التجريبية المختبرية (وهو محل خلاف بين العلماء كما يقرّ ستينغر) فإن أقصى ما يثبته هو خضوع (بعض) الظواهر للاختبار، لا كلّ الظواهر.

والنفي فرع الإحاطة ومتوقف عليها، والإحاطة لا تحصل إلا بعد إخضاع (كل الظواهر) غير المادية للاختبار لا (بعضها). فلا يصح نفي وجود شيء بعد اختبار جزئي، بل ينبغي أن يشمل الاختبار (كل شيء) لنتمكن من نفي وجود الإله. وهذا أمر متعذر بإقرارهم.

ثم ان لنوعية الاختبار تأثيراً، فقد تتمكن من إخضاع ظاهرة طبيعية أو غير طبيعية لاختبار فتفشل فيه وتنجح في ظاهرة أخرى، كأن تتمكن من رصد حال الجو ببعض الالات، لكنك لن تتمكن من رصد الزلازل بهذه الآلة، إلا ان تستخدم آلة أخرى مخصصة لذلك.

ولو تمكن العلم من رصد (بعض) الظواهر الطبيعية بآلة رصد الجو فلا يمكنه ان يدعي ان استعمال الالة كفيل بمعرفة أحوال طبقات الارض واحتمالات حصول الهزات الارضية مثلاً.

تصوّر نفسك تبحث عن صديق في فندق من الفنادق، وقد سُمح لك بالدخول الى 4 غرف من 300 غرفة يتضمنها الفندق، فإن لم تجده في هذه الاربعة لا يمكنك نفي وجوده في سائر الغرف!

فالجحود فرع الإحاطة.. وليس لأحد قدرة على الإحاطة.

لكن مثل ستينغر لا يمكنه تجاوز ذلك وإنكاره، فيقرّ في محلٍّ آخر أن البحث عن الإله كالبحث عن لؤلؤة في الكون(5)..

هذا لو كان البحث (مختبرياً) فقط وعلى طريقتهم.. أما لو كان عقلياً منطقياً فلا شبهة في وجوده تعالى كما تقدّم في الأبحاث السابقة.

لكن ستينغر حاول التخلص بطريقة أخرى عندما قال ان الموقف بالنسبة لله تعالى مختلف، فقال:

لكن الله يفترض أن يكون في كل مكان، بما في ذلك في كل صندوق مهما صغر، ولهذا علينا إما أن نجده مؤكدين بذلك وجوده، أو لا نجده مفندين بذلك وجوده(6).

ورغم أن كلام ستينغر قد ثبت بطلانه من كل الجهات.. إلا أن التساؤل يبقى مطروحاً وينقلنا إلى بحث آخر:

هل يعتقد المؤمنون فعلاً (كما يزعم ستينغر وغيره) أن الله تعالى في كل مكان بما في ذلك في الصندوق؟!!

2. هل الله موجود في كل مكان؟! قول النصارى..

نقصر الكلام على أكبر ديانتين سماويتين: المسيحية والإسلام. وأما اليهودية فيظهر حالها من كلمات العهد القديم التي ستأتي.

لقد تكرر في الكتاب المقدس تحديد محل سُكنى (الآب) وأنه في (السماء) ثمانية مرات على الأقل في (الملوك الأول) و(أخبار الأيام الثاني)، وهي مشتركة بين اليهود والنصارى، منها على سبيل المثال:

وَاسْمَعْ أَنْتَ فِي مَوْضِعِ سُكْنَاكَ فِي السَّمَاءِ(7).

فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ(8).

وقد ورد ما لا يقل عن 18 مرة التعبير عن (أبينا) أنه (في السماوات):

أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ(9).

وههنا أقوال (قد تنسب) إلى النصارى أو إلى ظواهر بعض كلماتهم:

القول الأول:

أن (الخالق في السماء) وهي (مكان مادي)، وعلى فرض التزام أحد من النصارى بهذا الكلام، فإنه لا ينفع الملحدين، إذ دعواهم تكون باطلة لأنه لا يمكن إجراء الاختبار على من كان موجوداً في السماء فقط، وهي تعني مكاناً بعيداً لا يمكننا الوصول إليه.

القول الثاني:

أن (الخالق في السماء) لكنها (ليست مكاناً مادياً) بل تدل على (السموّ والارتفاع) وهي عالم آخر غير العالم المادي.

وعلى هذا القول أيضاً يكون كلام الملحدين باطلاً.. لأن الخالق لن يكون موجوداً في مكان بل في عالمٍ أسمى من هذا العالم الماديّ، فلا يصح إخضاعه لاختبار (مكاني) لننفي وجوده عند فشل الإختبار.

وممّن صرّح بهذا القول ما ذُكر في (موقع شهود يهوه الرسمي) على الشبكة العنكبوتية في مقال تحت عنوان (هل يسكن الله في مكان محدّد؟‏) نشر في آب/اغسطس 2011 وفيه:

تدل هذه الآيات دلالة واضحة ان (يهوه الله) لا يقيم في كل مكان بل في السماء فقط. ‏

طبعا، لا تشير «السموات» هنا الى الغلاف الجوي المحيط بالارض او الامتداد الشاسع للفضاء الخارجيّ،‏ اذ لا يمكن للسموات الحرفية ان تسع خالق الكون.‏(‏1 ملوك 8:‏27‏)‏ فالكتاب المقدس يخبرنا ان «الله روح».‏(‏يوحنا 4:‏24‏)‏ لذلك يسكن في السموات الروحية،‏ وهي حيّز منفصل عن الكون المادي.‏1 كورنثوس 15:‏44‏.‏.

ليس من الضروري ان يكون الله كليّ الوجود ليعرف ما يجري في موقع ما من الكون.

وذكروا في محل آخر من موقعهم الرسمي:

وعندما يقول الكتاب المقدس ان الله يسكن في «السماء» فهو يشير الى سمو مكان سكنى الله بالتباين مع المحيط المادي الذي نعيش فيه نحن. اذًا،‏ يعلِّم الكتاب المقدس ان الله يسكن في مكان محدَّد مع أن هذا المكان مختلف جداً عن الكون المادي(10).

فليس للملحد خبز ولا ملح مع النصارى حتى الآن.

القول الثالث:

أن (الخالق في كل مكان) بمعنى (الحلول في الأماكن) وهي مقولة (الله كليّ الوجود).

ورد في كتاب (أسئلة عن الله) تحت عنوان (أين الله؟ أين الله عندما نتألم؟) ما يلي:

رغم أننا نعرف أن حضور الله هو أساساً في السماء، إلا أن الكتاب المقدس يعلمنا أن الله كلي الوجود (أي أنه موجود في كل مكان في نفس الوقت)..

وهو موافق لما ورد في (دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة) بحسب ما ينقل موقع (القاموس المتعدد اللغات على الانترنت glosbe) حيث يقول:

est bel et bien présent en tous lieux et en toutes choses.

أي أنه «حالّ فعلاً في كافة الاماكن والاشياء الموجودة».

وهذا الذي قصده ستينغر وعناه بقوله:

لكن الله يفترض أن يكون في كل مكان، بما في ذلك في كل صندوق مهما صغر(11).

وقد بيّنا بطلان كلام الملحد حتى عند أصحاب هذا القول، إذ لو كان (الخالق) (حالاً في كافة الأماكن) والعياذ بالله، وأمكن إجراء اختبار على بعضها لم يكن في عدم العثور عليه دليلاً على عدم وجوده لأن لقائل أن يقول: أنكم قمتم ببعض أنواع الاختبارات وينبغي أن تحيطوا بكل ما يمكن أن يجري من اختبارات بكافة أنواعها، والحال أن العلم لا يزال بحاجة إلى أشواط طويلة جداً ليسبر غور العلوم كافة، فكل العلماء في كل المجالات يقرّون بأنهم لم يصلوا إلا إلى قسم يسير من العلوم، وبالتالي يكون الاستقراء ناقصاً والبحث عقيماً، واستدلال الملحد غير موفق أبداً.

لكن هل هذا ما يعتقده النصارى جميعاً فعلاً؟ أم أن القول الرابع يوضح رأي شريحة أخرى منهم؟

القول الرابع:

أن (الخالق في كل مكان) بمعنى (الإحاطة بالأماكن) لا الحلول فيها.

يفسر بعض النصارى مقولة أن الله (كلي الوجود) بأنها تعني إحاطة الله تعالى بما يجري في كل مكان وزمان، (دون أن يكون خاضعاً للزمان والمكان) ولا محدوداً بهما.. وليست تعابيرهم واضحة في ذلك إنما تحتاج إلى دعم هذه الفكرة من النصوص الإسلامية..

وهذه بعض كلماتهم التي تشير إلى هذا المعنى وإن تفاوت وضوحها في ذلك:

أ. ما قاله ج. كلايد تارنر turner john clyde راعي الكنيسة المعمدانية في كارولينا الشمالية وغيرها..  في كتابه (هذه عقائدنا) في الفصل الثاني: الإله الواحد الحق:

إن الله كلي الوجود. وهذا لا يعني أنه منتشر في الكون بأسره، لكن الله بكامله حاضر في كل مكان. هناك عبارات في الكتاب المقدس تظهر وكأنما هي تحصر وجود الله في مكان معين "أبانا الذي في السموات" (متى 9:6). "يا ساكناً في السموات" (مزمور 1:123). "الرب في السموات ثبت كرسيه" (مزمور 19:103). إن هذه العبارات يجب أن ننظر إليها كتعابير رمزية تماماً كتلك التي تتكلم عن ذراعيه أو يديه. لا يمكننا أن نحصر الله بمكان أو في مكان.

إذاً هي عنده تعابير رمزية تدلّ على أن الخالق غير محصور بالمكان.

ب. ما ذكر في موقع (أسئلة من الكتاب المقدس gotquestions.org تحت عنوان: ما معنى أن الله كلي الوجود؟)

إن القول بأن الله كلي الوجود يعنى أن الله موجود في كل مكان. تعتقد الكثير من الديانات بأن الله كلي الوجود، ولكن في كل من اليهودية والمسيحية تقسم هذه النظرة أكثر إلى الإيمان بأن الله سامٍ ومتعالٍ وهو قريب منا في نفس الوقت. فرغم أن الله غير متضمن في الخليقة إلا أنه موجود في كل مكان في كل الأوقات...

كون الله كلي الوجود يعني حضوره في كل وقت وكل مكان، ورغم هذا فهو ليس محدوداً بالوقت أو المكان. ليست هناك خلية أو ذرة من الصغر بحيث لا يكون الله فيها بصورة كاملة ولا مجرة من الإتساع بحيث لا يحدها الله.

فحضوره في كل وقت وكل مكان بحسب كلامهم لا يعني أنه محدود بالوقت أو المكان..

ج. ما ينقله موقع ويكيبيديا عن (التعليم المسيحي للشبيبة الكاثوليكية) ولم نعثر على المصدر للتحقق منه، وهو قولهم:

تعني صفة الخلق أيضًا أن الله خلق الزمان والمكان، وهذا يؤدي حكمًا لكون الله هو الوحيد خارج نطاق الزمان والمكان.

وهذا القول الرابع عند بعض النصارى ينفي أن يكون وجود الخالق وجوداً مادياً في كل مكان، بل يثبت أنه (خارج نطاق الزمان والمكان).

وهو يستند إلى جملة نصوص في كتابهم المقدس منها:

النص الأول: المزامير 139

7 أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ؟ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟

8 إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ.

9 إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ، وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي البَحْرِ.

10 فَهُنَاكَ أَيْضًا تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ.

وفسّرها القمص(12)  تادرس يعقوب بما يقرب من الرأي الرابع بقوله:

الله ليس فقط عالم بكل شيء، وإنما هو أيضًا حاضر في كل مكانٍ، في ذات اللحظة. حضوره في كل مكان لا يعني وحدة الوجود، أي المذهب القائل بأن الله والطبيعة شيء واحد ... هل يوجد مكان فيه يتجنب الإنسان روح الله؟ هل يوجد موضع يختفي فيه الإنسان من الحضرة الإلهية؟(13).

وينقل القمص تادرس قول القديس يوحنا الذهبي الفم:

يشير إلى الله بكونه روحا وحضورا، بمعنى أين أذهب منك؟ أنت تملأ كل شيئ، وحاضر بالنسبة لكل أحد، ولكن ليس كجزءٍ، بل بكليتك لكل واحدٍ.

النص الثاني: سفر إرميا 23

23 أَلَعَلِّي إِلهٌ مِنْ قَرِيبٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلَسْتُ إِلهًا مِنْ بَعِيدٍ.

24 إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟

القمص تادرس يعقوب يبين ذلك بتفسير مشابه لما تقدم فيقول:

يسكن الله في السماء في الأعالي، وكأن الأرض كلها صغيرة بالنسبة له، يراها بكل خطاياها، ولا يقدر أحد ما أن يختفي عنه. وفي نفس الوقت يملأ السماء والأرض، أينما هرب إنسان يجد الله حاضرًا... فهو بعيد ومُنَزَّه عن كل الخليقة، وقريب جدًا وملاصق لها.

النص الثالث: سفر أعمال الرسل 17

27 لِكَيْ يَطْلُبُوا اللهَ لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ فَيَجِدُوهُ، مَعَ أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيداً.

28 لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ.

ويفسرها القمص يعقوب مجدداً بأن حضور الله هو (حضور إلهي) يملأ به كل مكان وليس حضوراً (مادياً) في كل مكان، فيقول:

أما أين هو الله، فهو ليس ببعيدٍ عن كل أحد، إذ نطلبه نجده في داخلنا قريب إلينا أقرب من التماثيل التي أمامنا. هو حاضر في كل مكان، يملأ السماء والأرض بحضوره الإلهي.

وخلاصة القول..

أن النصارى الذين يعيش أكثر هؤلاء الملحدين بينهم إنما يرجحون القول بأن الله تعالى في السماء وهي تعني العلو والارتفاع لا المكان، أو أنه في كل مكان بمعنى (الحضور الإلهي) غير المحدد بالمكان:

فِي كُلِّ مَكَانٍ عَيْنَا الرَّبِّ مُرَاقِبَتَانِ الطَّالِحِينَ وَالصَّالِحِينَ(14).

ولئن صرح بعضهم بأن الله حالّ في الأماكن.. فإن هذا لا يفيد الملحد في شيء لأن أدوات الملحد (المختبرية) لا تزال عاجزة عن الإحاطة بكل ما يمكن اختباره..

فضلاً عن أن العقل يرشد إلى الله تعالى كما تقدم ولو لم يتمكن الملحد من إثبات ذلك بالمختبر بطرقه المحدودة.

3. هل الله موجود في كل مكان؟! قول المسلمين

زعم بعض الملحدين أن المسلمين أيضاً يقولون بأن الله تعالى في السماء، وتوهموا ذلك من قوله تعالى:

﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ﴾(15).

لكن السماء هنا تعني: الارتفاع والعلو، فمعنى ذلك أنه تعالى عالٍ في قدرته عزيز في سلطانه.. وقيل: أأمنتم من في السماء: أمره وآياته ورزقه وما جرى مجرى ذلك(16).

وزعم بعض آخر أن المسلمين يقولون أنه (في كل مكان) بمعنى الحضور المكاني، وذلك لما قرؤوا قوله تعالى:

﴿فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه﴾‏(17).

لكن الأمر أكثر وضوحاً عند المسلمين، فهم يعتقدون أن الله تعالى خالق المكان والزمان فلا يحويه أي منهما(18).. وهو المحيط بكل الأماكن، والعالم بها قبل خلقها، والقادر على التصرف بها كيف شاء..

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وَمَنْ قَالَ فِيمَ فَقَدْ ضَمَّنَه(19).

 فلا يقال لله: في أي شيء هو؟ إذ هو خالق الأشياء.. وكونه في شيء يعني أن الشيء يتضمنه وهو باطل بلا شبهة.

أَمْ كَيْفَ أَصِفُهُ بِأَيْنٍ وَهُوَ الَّذِي أَيَّنَ الأَيْنَ حَتَّى صَارَ أَيْناً فَعُرِفَتِ الأَيْنُ بِمَا أَيَّنَ لَنَا مِنَ الأَيْن‏: كما عن الصادق (عليه السلام)(20)..

فهو الذي خلق المكان حتى صار مكاناً، فعُرِف المكان بخلقه له.. ولولا خلقه المكان لم يُعرف المكان بل لم يوجد. فلا يُعقل أن يحويه ما خلقه.

وهو الذي: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ء﴾(21).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ مِنْ شَيْ‏ءٍ أَوْ فِي شَيْ‏ءٍ أَوْ عَلَى شَيْ‏ءٍ فَقَدْ كَفَر.. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ فِي شَيْ‏ءٍ فَقَدْ جَعَلَهُ مَحْصُوراً(22)..

إذاً كيف يجمع المسلمون بين قولهم أنه (ليس في شيء من المكان) وأنه (في كل مكان)؟

كما ورد في الأحاديث: فعن أبي عبد الله (عليه السلام): لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ وَلَا يَشْتَغِلُ بِهِ مَكَان‏ (23).

وعنه (عليه السلام): فِي كُلِّ مَكَانٍ وَلَيْسَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنَ الْمَكَانِ الْمَحْدُود‏(24).

اتّضح الجواب مما سبق حيث أن:

1. المنفي هو وجوده في المكان كوجود أي موجود آخر، وجوداً ذاتياً تلزم منه المحدودية، فإذا وجد في أي مكان حواه ذلك المكان فصار محتاجاً فلم يكن خالقاً له ولم يكن إلهنا الذي نعبده.

2. المُثبَت هو وجوده في المكان بمعنى علمه وإحاطته به وإشرافه عليه وقدرته على التصرف فيه..

عن أبي عبد الله (عليه السلام): ..﴿وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ﴾ بِالْإِشْرَافِ وَالْإِحَاطَةِ وَالْقُدْرَةِ ﴿لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ﴾ بِالْإِحَاطَةِ وَالْعِلْمِ لَا بِالذَّاتِ لِأَنَّ الْأَمَاكِنَ مَحْدُودَةٌ تَحْوِيهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا كَانَ بِالذَّاتِ لَزِمَهَا الْحَوَايَة(25).

وحتى من انحرف عن الإسلام من المسلمين، وابتعد عن نهج العترة الطاهرة لم يجد بدّاً من الالتزام بأن الله تعالى لا يحتويه مكان.. فهذا المفتي ابن باز يقول:

الله سبحانه فوق العرش، فوق العلو، فوق جميع الخلق، عند أهل السنة والجماعة، هكذا جاءت الرسل بهذا عليهم الصلاة والسلام، كل الرسل جاؤوا بأن الله فوق العرش، فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى.. ومن قال بأن الله في كل مكان أو ليس في العلو فهو كافر، مكذب لله ولرسوله، ومكذب لإجماع أهل السنة والجماعة (26).

واتضح بهذه النصوص من العهدين القديم والجديد، ومن القرآن الكريم والحديث الشريف، أن معظم المؤمنين بالله تعالى لا يعتقدونه جسماً تحويه الأماكن، وأن ما يذكره الملحدون بعيد كل البعد عن الدقة والإنصاف.. ولو اعتقد بذلك بعضهم فلا يمكن محاكمة الجميع برأي البعض..

ولا نجد وجهاً لكلام الملاحدة سوى العناد ومصارعة الحق.. ومن صارع الحق صرعه..

 


(1) نشر هذا المقال في نهاية شهر صفر 1439 للهجرة.

(2) قصار الكلمات في نهج البلاغة ص548.

(3) الكافي ج8 ص20.

(4) كتاب: الله.. الفرضية الفاشلة! ص23.

(5) كتاب: الله.. الفرضية الفاشلة! ص33.

(6) كتاب: الله.. الفرضية الفاشلة! ص33.

(7) الملوك الأول 8: 30.

(8) أخبار الأيام الثاني 6: 30.

(9) متى 5: 16، ومثلها في مرقس ولوقا مرات عديدة.

(10)  بحث تحت عنوان: وجهة نظر الكتاب المقدس - هل الله حاضر في كل مكان؟‏

(11) تقدم عن كتاب: الله.. الفرضية الفاشلة! ص33.

(12) هو لقب ديني كان يحمله رئيس الدير في الكنيستين الأرثوذكسية الشرقية والكاثوليكية الشرقية، ويعادل منصب رئيس الدير في الكنائس الغربية.

(13) انتهى محل الشاهد، وعبائره هذه مع ما يلي منقولة عن موقع الأنبا تكلاهيمانوت القبطي الأرثوذكسي على شبكة الانترنت.

(14) الأمثال 15 :3.

(15) الملك 16.

(16) أمالي المرتضى ج2 ص168.

(17) البقرة 115.

(18) تعرّضنا لذلك بشكل مفصّل في كتاب: عرفان آل محمد (عليهم السلام).

(19) الكافي ج1 ص140.

(20) الكافي ج1 ص104، وقريب منه ما في ص78و138.

(21) الشورى 11.

(22) الكافي ج1 ص128.

(23) الكافي ج1 ص126.

(24) الكافي ج1 ص94.

(25) الكافي ج1 ص127.

(26) جواب في موقعه الرسمي تحت عنوان: حكم من يقول أنّ الله في كل مكان.

بقلم: الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2022/07/26  | |  القرّاء : 1519



للإنضمام إلى قناة العلم والإيمان (أنقر على الرمز الخاص) ->
| تلغرام | واتساب | يوتيوب | فيسبوك | انستغرام |


كتابة تعليق لموضوع : مقال9: إلحاد أم عناد؟! أين الله؟!
الإسم * :
الدولة * :
بريدك الالكتروني * :
عنوان التعليق * :
نص التعليق * :
 

تصميم، برمجة وإستضافة :
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net