الصفحة الرئيسية

الكتب والمؤلفات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الكتب والمؤلفات PDF (9)
  • عرفان آل محمد (ع) (17)
  • الإلحاد في مهب الريح (12)
  • قبسات الهدى (14)
  • الثالوث والكتب السماوية (6)
  • الثالوث صليب العقل (8)
  • أنوار الإمامة (6)
  • الوديعة المقهورة (6)

المقالات والأبحاث :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التوحيد والعدل (13)
  • سيد الأنبياء محمد ص (13)
  • الإمامة والأئمة (28)
  • الإمام عين الحياة (16)
  • أمير المؤمنين عليه السلام (24)
  • السيدة الزهراء عليها السلام (48)
  • سيد الشهداء عليه السلام (47)
  • الإمام المنتظر عليه السلام (9)
  • لماذا صرتُ شيعياً؟ (7)
  • العلم والعلماء (15)
  • الأسرة والمرأة (8)
  • مقالات اجتماعية (19)
  • مقالات عامة ومتنوعة (58)
  • الموت والقيامة (24)

إتصل بنا

أرشيف المواضيع

البحث :




جديد الموقع :


 شَهيدُ الهُدى.. الحُسَينُ بنُ عَليّ (عليه السلام)
 287. الإمام الجواد.. والشيعة في زمن الغيبة!
 286. هَل يُغلَبُ رُسُلُ الله وحِزبُه؟!
 285. هل أراد الله بنا (شرَّاً) فحَجَبَ عنَّا (النَّصر)؟!
 284. لن يُمحَقَ دينُ محمد (ص)!
 283. ما حُكمُ (الجِهَادِ) في أيامنا؟!
 282. الجواد.. إمامٌ يعلمُ ما في النفوس!
 281. ما من خالقٍ.. إلا الله!
 280. هل بينك وبين الله قرابة؟!
 279. المَهديُّ إمامٌ.. تبكيه العيون!

مواضيع متنوعة :


 فصل6. أين الله؟ وكيف يكون في كلّ مكان؟
 23. لا نريدكم مع الحسين!!
 252. سِهامٌ.. بين بلاد فارس.. وجبل عامل!
 143. بابُ فاطمة.. حِجَاب الله !
 255. الإمامة.. وتقديم المفضول!
 مقال5: شريعتي وانتحار الرسول الخاتم!
 63. هل أورثت زيارة (البابا) تهمةً للنجف؟!
 95. فُقَهَاءُ الشِّيعَةِ.. في كِتَابِ الله !!
 128. عندما نَكونُ سبباً.. لِظُلمِ أبنائنا !
 251. (بَصائِرُ) الشُّهداء.. في يوم عاشوراء!

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2
  • الأقسام الفرعية : 22
  • عدد المواضيع : 356
  • التصفحات : 694706
  • التاريخ :



















  • القسم الرئيسي : المقالات والأبحاث .
        • القسم الفرعي : أمير المؤمنين عليه السلام .
              • الموضوع : 160. عَليٌّ.. قَيِّمُ القرآن .

160. عَليٌّ.. قَيِّمُ القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد اتَّفقت كلمةُ المسلمين على نقل وصيَّة النبيِّ صلى الله عليه وآله بالكتاب المنزَل عليه، وبعترتِه الطاهرة، أهل بيته عليهم السلام.

هي وصيةٌ مشهورةٌ معروفةٌ يحفظها الصغار والكبار، ينقلُ بعضَ فقراتها مُسلمُ في صحيحه: أَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ الله.. وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي (ج4 ص1874).

وقد تكرَّرَت وصيَّته صلى الله عليه وآله بالثَّقلين مراراً، حتى قبيل انتقاله إلى ربه تعالى، حين خاطب صلى الله عليه وآله أصحابَه فقال:

إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمْ كِتَابَ الله (عَزَّ وَجَلَّ) وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي.

ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَرَفَعَهَا فَقَالَ: هَذَا عَلِيٌّ مَعَ القُرْآنِ، وَالقُرْآنُ مَعَ عَلِيٍّ، خَلِيفَتَانِ بَصِيرَانِ، لَا يَفْتَرِقَانِ حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ، فَأَسْأَلُهُمَا مَا ذَا خُلِّفْتُ فِيهِمَا (الأمالي للطوسي ص479).

المعيَّةُ هنا مُتبادَلةٌ بين عَليٍّ والقرآن، فكلٌّ منهما مع الآخر، حيثُ أنَّ كلَّ واحدٍ منهما يُمَثِّلُ الحقَّ المطلق، والحقُّ لا يفارقُ الحقَّ بحال.

خليفتان بصيران

إنَّ في كلمة النبيِّ صلى الله عليه وآله ما يستحقُّ التأمُّل.. فَعَليٌّ والقرآن في كلامه (ص): (خَلِيفَتَانِ بَصِيرَانِ، لَا يَفْتَرِقَانِ)!

يُدركُ المؤمنُ بعقله الذي جعله الله زينةً لهُ ونوراً امتناع اجتماع خليفتين معاً، فكيف تَرَكَ النبيُّ صلى الله عليه وآله - وهو أعظم العقلاء وسيُّدُهم -  للنَّاس خليفتين معاً؟ ولو كانا بصيرين؟!

يتأمَّلُ المؤمنُ فيفهم أنَّ المانع من اجتماع الخليفتين معاً هو تزاحُمُهُما عند فعليَّة خلافتهما، ويتيقَّن من لزوم انحصار الرئاسة والقيادة بواحدٍ ولو كانا معصومَين مطهَّرين، لضمان انتظام الإمامة.

أمَّا لو كان أحَدُهُما ناطقاً، والآخرُ صامتاً، كان الإمامُ الذي أُمِرَ النَّاسُ باتِّباعه هو الإمامُ حقاً، باطناً وظاهراً، وارتفعت غائلة التناقض.

لذا أجاب الإمام الصادق عليه السلام لما سئل: تَكُونُ الأَرْضُ وَفِيهَا إِمَامَانِ؟

بقوله: لَا، إِلَّا إِمَامٌ صَامِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ (بصائر الدرجات ج‏1 ص486).

أي لا يتصدى، وهكذا كان الحسينُ إماماً في حياة الحسن عليه السلام، لكنَّ النُّطقَ كان للحسن عليه السلام، فكان هو الإمام الذي أُمِرَ النَّاسُ باتِّباعه، وإن أمروا بالإيمان بهما معاً.

وهكذا ساغَ للنبيِّ (ص) أن يترُك خليفتين بَصيرين معاً: عَليٌّ.. والقرآن، حيثُ يلزم أن يكون أحدُهُما صامتاً والآخر ناطقاً.

الكتاب الصامت

إنَّ في القرآن الكريم ما في الصُّحُفِ الأولى، وما يحتاجُ النّاس من حلالٍ وحرام، إلا أنَّهُ ليس كتاباً ناطقاً، وقد قال عليٌّ عليه السلام:

ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ، وَلَنْ يَنْطِقَ لَكُمْ!

أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ: إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا مَضَى وَعِلْمَ مَا يَأْتِي إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَحُكْمَ مَا بَيْنَكُمْ، وَبَيَانَ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ، فَلَوْ سَالتُمُونِي عَنْهُ لَعَلَّمْتُكُمْ (الكافي ج‏1 ص61).

 كلُّ ذلك في القرآن.. لكنَّهُ لا ينطق به، بل الناطق به عليٌّ عليه السلام! والكاشف لأسراره صنوُه في الخلافة، إمامُ الحقّ، وخليفة الرحمان.

لقد قال عليه السلام في القرآن الكريم: هَذَا كِتَابُ الله الصَّامِتُ، وَأَنَا المُعَبِّرُ عَنْهُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ الله النَّاطِقِ، وَذَرُوا الحُكْمَ بِكِتَابِ الله الصَّامِتِ، إِذْ لَا مُعَبِّرَ عَنْهُ غَيْرِي‏ (العمدة لابن بطريق ص330).

لقد أشارَ عليه السلام هنا إلى معنىً دقيق، وهو أنَّ القرآن الكريم يحتاجُ إلى مَن يكشفُ مبهماته، ويظهر علومَه، ويعبِّر ما فيه ويُبَيِّنَه للناس، وليس سوى عليٍّ عليه السلام، وعليه يحمل كون القرآن صامتاً.

أما ما روي عنه عليه السلام في كون القرآن ناطقاً: .. وَكِتَابُ اللهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، نَاطقٌ لاَ يَعْيَا لِسَانُهُ (نهج البلاغة الخطبة 133)، وأنَّه: يَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَيَشْهَدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْض‏ (الخطبة 133)، وأنَّه كلام الله: الصَّادِق النَّاطِق‏ (الكافي ج2 ص597).

فمحمولٌ على المحكَمات التي لا تحتاجُ إلى تبيين، ففي القرآن مُحكمٌ بَيِّنٌ يلهجُ بالحقِّ جلياً، ومنه ما يحتاجُ إلى تبيين.

فلا يكونُ القرآنُ صامتاً في المُحكمات، ولا يكون ناطقاً في غيرها.

وعلى هذا المعنى يُحمل قوله عليه السلام: فَالقُرآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ (نهج البلاغة الخطبة 183).

ويشهدُ لهذه المعاني ما ورد في كتب اللغة حول معاني النُّطق والصمت، بحيث يتضح أن أقرب المعاني لتفسير القرآن بأنه صامتٌ هو تضمنه للمتشابهات، ففي معجم مقاييس اللغة:

الصاد والميم والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على إبهامٍ وإغلاق3 ص308‌).

فالإبهام والإغلاق أي عدم إمكان الوصول إليه بيُسرٍ هو صفةٌ قريبةٌ من المتشابه، الذي لا يمكن معرفة المراد منه لكل أحدٍ كيفما اتفق، إلا بِرَدِّه الى المحكم.

وأقرب المعاني لتفسير الصامت هو البَيِّن، وهو الآيات المحكمات:

ففي كتاب العين: نَطَقَ النَّاطِقُ يَنْطِقُ نَطْقاً، وهو مِنْطِيقٌ بليغ. والكتاب النَّاطِقُ: البين 5، ص: 104).

وفي المحيط في اللغة: الناطِقُ: البَيِّنُ5 ص328‌).

وبهذا يتضح أن القرآن صامتٌ من جهة متشابهاته، ناطقٌ من جهة محكماته، وأن متشابهاته التي كان فيها صامتاً، يبينها عليٌّ عليه السلام، فيكون بها ناطقاً، فصار عليٌّ عليه السلام كتاب الله الناطق.

إنَّ علمَ ما مضى وما يأتي مودَعٌ في القرآن الكريم، لكنَّه يحتاجُ إلى مُعَبِّرٍ هو عليٌّ عليه السلام، فيكون القرآن الكريم صامتاً عن ذلك.

ولقد كان القرآن صامتاً في كثيرٍ مما اختلف فيه الناس أيضاً، بمعنى احتياجه لمن يوضح لهم ما اختلفوا فيه.

كما كان ناطقاً فيما اتَّفقوا عليه، وفيما كان جليَّاً بَيِّناً وإن لم يعمَلوا به، كلزوم طاعة أولي الأمر المعصومين عليهم السلام.

عليٌّ قيِّمُ القرآن

مِن ههنا أدرَكَ أعاظمُ فقهاء الشيعة النسبة بين عَليٍّ والقرآن، حتى عَرَضَ الشيخ الجليل الفقيه منصور بن حازم رحمه الله مناظرته مع المخالفين على الإمام الصادق عليه السلام، فترَحَّمَ الإمام عليه مقرَّاً له على أقواله.

لقد أدرك رحمه الله أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله كان حجة الله، وأنَّه ترك بعده حجةً لهم، وهذا الحجة إن كان هو القرآن بنفسه فهذا لا يستقيم مع اختلاف الناس في الاستدلال بالقرآن، قال رحمه الله:

فَنَظَرْتُ فِي القُرْآنِ فَإِذَا هُوَ يُخَاصِمُ بِهِ المُرْجِئُ وَالقَدَرِيُّ وَالزِّنْدِيقُ الَّذِي لَا يُؤْمِنُ بِهِ حَتَّى يَغْلِبَ الرِّجَالَ بِخُصُومَتِهِ، فَعَرَفْتُ أَنَّ القُرْآنَ لَا يَكُونُ حُجَّةً إِلَّا بِقَيِّمٍ، فَمَا قَالَ فِيهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ كَانَ حَقّاً.

أي أنَّ أصحاب العقائد الباطلة قد يحتجّون بالقرآن الكريم على عقيدتهم، ثم يعجزُ مَن يقابلُهم عن ردِّ دعواهم مع بطلانها، وما ذاك إلا لعجزه عن فهم القرآن، ولأنَّ القرآن صامتٌ لا يمكنُ له أن يبيِّن المراد من آياته حقاً، بل يحتاجُ إلى من يدفع عنه تلبيسات الأبالسة.

ولمَّا لم يَكُن عندَ أحدٍ معرفةٌ بكلِّ القرآن سوى عليٍّ عليه السلام، بل لم تُدَّعَ مِثلُ هذه المعرفة التامَّة لأحدٍ سواه في طول التاريخ، ثبت أنَّ هذا المنصب له، قال رحمه الله: فَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً (ع) كَانَ قَيِّمَ القُرْآنِ، وَكَانَتْ طَاعَتُهُ مُفْتَرَضَةً..

فقال عليه السلام: رَحِمَكَ الله (الكافي ج‏1 ص169).

فهو عليه السلام قَيِّمُ القرآن، أي مُقيمُ أمره، ومُبَيِّنُ علمه، وهو المحيط بشؤونه، والكاشف لغوامضه، والمبين لمتشابهه، وناسخه ومنسوخه، وهو الدال على بطونه، والمظهر لعلومه.

فليس القرآن مع تمام عظمته بمستغنٍ عن الإمام المعصوم.

الاحتجاج بالقرآن

ظهر بما تقدَّم أن هذين الخليفتين (عليٌّ والقرآن) وإن كانا (خَلِيفَتَانِ بَصِيرَانِ) فإنَّهما ليسا على سَمتٍ واحد، وطَرزٍ فارد، فأحدُهما لا ينطق إن استُنطِقَ إلا بالآخر، وقد أوصى الخليفةُ الآخر وهو عليٌّ عليه السلام ابن عباس عندما أرسله للاحتاج على الخوارج فقال:

لاَ تُخَاصِمْهُمْ بِالقُرْآنِ، فَإِنَّ القُرْآنَ حَمَّالٌ ذُو وُجُوه، تَقُولُ وَيَقُولُونَ (نهج البلاغة الخطبة77).

ولمّا كان القرآن صامتاً يحتملُ وجوهاً، ولو بعيدةً، ولا يمكنه أن يدفع عن نفسه التوجيهات الفاسدة، إلا بِقَيِّمٍ، وكان الخوارجُ ممَّن لا يقبلون قيموميَّة القيِّم، لم يصلح الاستدلال عليهم بالقرآن، بل لزم الاستدلال عليهم بالسنة الشريفة إن قبلوها، والناطق بهما عليٌّ عليه السلام.

نعم لا يُخاصَمُ القومُ بالقرآن لمكان جحودهم، أما المنصفُ منهم فيقرُّ بفضلهم (ع) من القرآن.

وهذا مختصٌّ بالمتشابه، الذي يحتمل الأوجه المختلفة، أما المحكم فمما خاصم به الأئمة عليهم السلام وأمروا الشيعة بذلك، كما روي عن الباقر عليه السلام:

يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ خَاصِمُوا بِسُورَةِ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) تَفْلُجُوا: أي أثبتوا بها الإمامة، يكون لكم الظفر بذلك.

فَوَ الله إِنَّهَا لحُجَّةُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ الله (ص): فالقرآن الكريم حجةٌ كما الإمام، وإن كانت تمام علومه عند الإمام، وكان القائم بأمره هو الإمام، إلا أنَّهُ يظلُّ حجَّةً فيما هو جليٌّ بيِّن، ومن ذلك سورة القدر.

وَإِنَّهَا لَسَيِّدَةُ دِينِكُمْ: فصارت هذه السورة سيِّدةَ الدين لأنّها تُثبتُ ما يكتملُ به الدين، وهو الإمامة، فيكون الدينُ منقوصاً عقيماً لولاها، أو لأنها سيدة الأدلة على الإمامة أيضاً.

وَإِنَّهَا لَغَايَةُ عِلْمِنَا: وهذه إشارةٌ إلى ما يتنزل على الإمام في ليلة القدر إلى آخر الدَّهر.

يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ خَاصِمُوا بِـ ﴿حم وَالكِتابِ المُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾‏، فَإِنَّهَا لِوُلَاةِ الأَمْرِ خَاصَّةً بَعْدَ رَسُولِ الله(ص)، يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ يَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ﴾: فأثبتت هذه الآيات لزوم وجود الحجة في كلِّ زمان، وهو الذي تتنزَّلُ عليه الملائكة في ليلة القدر، وبهذا يُعرَفُ ضرورة وجود الإمام الحجة عجل الله فرجه، فإنَّ القرآن الكريم في هذه الآيات يُرشدُ إلى ما حكمت به العقول من لزوم الحجة في عَصر.

أفهل يترك الله تعالى عباده هملاً دون حجَّةٍ يحتجُّ به عليهم؟ ودون نذيرٍ يُنذرهم أمرَ الله؟ سواءٌ قبلوه، أم جحدوه وألجؤوه إلى الغياب.

ثم قال عليه السلام: لَمْ يَمُتْ مُحَمَّدٌ إِلَّا وَلَهُ بَعِيثٌ نَذِيرٌ.. فَإِنْ قُلْت لَا، فَقَدْ ضَيَّعَ رَسُولُ الله (ص) مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ مِنْ أُمَّتِهِ.

قَالَ: وَمَا يَكْفِيهِمُ القُرْآنُ؟

قَالَ (ع): بَلَى إِنْ وَجَدُوا لَهُ مُفَسِّراً.

قَالَ: وَمَا فَسَّرَهُ رَسُولُ الله (ص)؟

قَالَ (ع): بَلَى قَدْ فَسَّرَهُ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، وَفَسَّرَ لِلْأُمَّةِ شَأْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (ع) (الكافي ج‏1 ص250).

فمَن زعمَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله لم يوصِ لأحدٍ يكون إماماً من بعده فقد نسب له (ص) التفريط في هداية الأمَّة، وتضييع الأجيال القادمة، لأنَّ أحداً لا يزعمُ أنَّ عنده تفسيرُ تمام القرآن، ولا يكون ذلك إلا لإمامٍ منصوبٍ من الله تعالى يُبيِّنُ للناس، من بعد أن يكون النبيُّ (ص) قد أرشد إليه وسمّاه وبيَّن أمره.

دلالة متبادلة بين القرآن والإمام

إنَّ بين الإمام والقرآن علاقةٌ بالغةُ الدلالة، بحيث يهدي كلٌّ منهما للآخر، ويُرشدُ إليه، ويدلُّ عليه.

أولاً: القرآن يهدي للإمام

لقد كشفَت آيات الكتاب عن هذه العلاقة، بحيث أنَّ الكتابَ نفسَه يهدي للخليفة البصير الناطق، قال تعالى: ﴿إِنَّ هذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (الإسراء9)، وقال فيها الصادق عليه السلام: يَهْدِي إِلَى الإِمَامِ (الكافي ج1 ص216).

ولمّا سُئلَ عليه السلام عن وجه معرفة الإمام وبما يُعرَف قال: بِكِتَابِ الله المُنْزَلِ (الكافي ج1 ص379)، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ الله﴾ (الأحزاب6)، وقوله تعالى: ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (الأنبياء7).

بل إنَّ رُبع القرآن أو ثلثه نزل في آل محمد عليهم السلام، فما أكثر الآيات الدالة عليهم، والمرشدة إليهم، والآمرة بالأخذ منهم.

بل إنَّ معرفة أمر الأئمة عليهم السلام من القرآن من أوجب الواجبات، حِفظاً للنفس من السقوط في الفتن التي توالت على المسلمين، إذ لا شكَّ عند أحدٍ من المسلمين بصحة الكتاب المنزل وحجيَّته، فمَن عرفَ أمرَهم من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل كان آمناً من الهزاهز، ومَن جَهِلَ ذلك كان عرضةً لأن تُسقطه مضلّات الفتن، حتى ورد عنهم عليهم السلام: مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَمْرَنَا مِنَ القُرْآنِ لَمْ يَتَنَكَّبِ الفِتَنَ (الكافي ج1 ص7).

أي لم يجتنبها ويتباعد عنها، فيلزم أن يكون المؤمن على بينة من أمره في الإمامة، وأن يتمكَّنَ من معرفتها من القرآن الكريم، كمعرفتها من ليلة القدر وسواها من الأدلة الجليَّة.

ثانيا: الإمام يهدي للقرآن

لمَّا كان الإمام هو الناطق عن القرآن، والمُبَيِّنُ لأحكامه، كان دالاً ومرشداً إليه، حتى ورد عنهم عليهم السلام: 

وَلِكُلِّ أَهْلِ زَمَانٍ هَادٍ وَدَلِيلٌ وَإِمَامٌ، يَهْدِيهِمْ وَيَدُلُّهمْ وَيُرْشِدُهُمْ إِلَى كِتَابِ رَبِّهِمْ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ (كتاب سليم ج‏2 ص885).

والإمام من آل محمدٍ: يُنْذِرُ بِالقُرْآنِ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ رَسُولُ الله (ص) (الكافي ج1 ص416).

وقد قال الصادق عليه السلام في عليٍّ والقرآن: صَاحِبَانِ مُؤْتَلِفَانِ يَشْهَدُ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ بِتَصْدِيقٍ (بصائر الدرجات ج1 ص413).

بهذا ثبت التلازم بين هذين الخليفتين، أحدُهما لا يفارقُ الآخر، وكلٌّ منهما يُرشِدُ إلى صاحبه، ولكنَّ أحدَهما لا ينطق إلا بالآخر، فصار الناطقُ قَيِّماً، وهو عليٌّ عليه السلام، وبنوه من بعده، الذين طهَّرَهم الله تعالى وعَصَمَهم وجعلهم مع القرآن، لا يفارقهم ولا يفارقوه.

فمَن آمَن بالقرآن آمن بهم، ومَن كفر بهم كفر بالقرآن، ولهذا التلازم صحَّ أن يصفَ عليٌّ عليه السلام حال الأشقى فيقول: فَأَنَا الذِّكْرُ الَّذِي عَنْهُ ضَلَّ.. وَالقُرْآنُ الَّذِي إِيَّاهُ هَجَرَ (الكافي ج8 ص28).

فمَن ضلَّ عن عليٍّ وهجره كان الأشقى..

وهكذا صار عَليٌّ قَيِّمَ القرآن.. بل صار عَليٌّ هو القرآن حقاً.

فمَن آمن بالقرآن اتَّبَع القيِّمَ والمبيِّنَ والموضح له، فهما خليفتان بصيران لا يُقبَلُ الاعتقاد بأحدهما وإنكار الآخر وجحوده، فإما أن يؤخذا معاً، أو يُتركا معاً..

وهكذا صارَ القرآن قُرآناً بقيِّمِه.. ذاك عليُّ بن أبي طالب عليه السلام، به تتمُّ حجَّتُه، وبه يصيرُ القرآن ناطقاً، وبه تظهر علومه.

والحمد لله رب العالمين

1 شهر رمضان المبارك 1443 هـ الموافق 3-4-2022 م

بقلم: الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2022/07/26  | |  القرّاء : 1684





للإنضمام إلى قناة العلم والإيمان (أنقر على الرمز الخاص) ->
| تلغرام | واتساب | يوتيوب | فيسبوك | انستغرام |


كتابة تعليق لموضوع : 160. عَليٌّ.. قَيِّمُ القرآن
الإسم * :
الدولة * :
بريدك الالكتروني * :
عنوان التعليق * :
نص التعليق * :
 

تصميم، برمجة وإستضافة :
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net