لكلِّ صوفيٍّ في عالمنا الإسلامي..
وكلِّ عارفٍ ومحبٍّ للعرفاء في عالمنا الشيعي..
هذا الكتاب رغم قساوةٍ ناعمةٍ فيه! رسالةٌ صادقةٌ لكم جميعاً..
تتضمن الدعوة للتآلف وجمع الشمل تحت راية الهدى والحق، الثقل الذي لا يخالف كتاب الله، عترة نبينا الحبيب محمد (صلى الله عليه وآله)، فهم رمز الهداية، وليس بعد الهدى إلا الضلال..
ومهما تزيّنت مدارس الآخرين، ومهما أظهرت حبها لمحمد وآله (عليهم السلام)، فإنها ما لم تسر على سنتهم وتقتد بهداهم: ﴿كَسَرابٍ بِقيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً﴾(1)، فلا يكثر إعجابكم بتنميقات المتصوفة والعرفاء، ولا تغرنكم كلماتهم المدبَّجة، فقد قال صادق العترة (عليه السلام): تَجِدُ الرَّجُلَ لَا يُخْطِئُ بِلَامٍ وَلَا وَاوٍ خَطِيباً مِصْقَعاً وَلَقَلْبُهُ أَشَدُّ ظُلْمَةً مِنَ اللَّيْلِ الْمُظْلِم(2)..
إنّ محلَّ تباين الصوفية والعرفاء مع عترة الرسول (صلى الله عليه وآله) يبدأ من أصل معرفة الله تعالى وتوحيده، وعلى ذلك تبتني كل دعوات الأنبياء والأولياء، ففي الأمر مصيرُ الدنيا والحياة الآخرة..
ولصادق العترة دُرّة من دُرر المعرفة يبيّنها في قوله (عليه السلام):
وَجَدْتُ عِلْمَ النَّاسِ كُلَّهُ فِي أَرْبَعٍ:
- أَوَّلُهَا أَنْ تَعْرِفَ رَبَّكَ.
- وَالثَّانِي أَنْ تَعْرِفَ مَا صَنَعَ بِكَ.
- وَالثَّالِثُ أَنْ تَعْرِفَ مَا أَرَادَ مِنْكَ.
- وَالرَّابِعُ أَنْ تَعْرِفَ مَا يُخْرِجُكَ مِنْ دِينِكَ(3).
وهؤلاء قد جهلوا الأربعة معاً! فلا رباً بصفات الله عرفوا، ولا بحقيقة الخلق والصنع لله أقروا حيث جعلوا وجودهم ووجوده واحداً، ولا سبيل اتباع أمنائه والبراءة من أعدائه نهجوا، ولا ميّزوا ما يخرجهم من دينهم عمّا يدخلهم فيه..
فأيُّ علمٍ وعقلٍ يرشد إلى اتباع مثل هذه المناهج؟! أم هو العشق الذي يتغنون به؟
وعنه قال أمير المؤمنين (عليه السلام): مَنْ عَشِقَ شَيْئاً أَعْشَى بَصَرَهُ وَأَمْرَضَ قَلْبَهُ، فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ غَيْرِ صَحِيحَةٍ وَيَسْمَعُ بِأُذُنٍ غَيْرِ سَمِيعَة(4)..
إنها دعوة الشيعة التي تميّزوا بها وحفظوها عن كتاب ربهم: ﴿تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً﴾(5).
فدعوا عنكم تلك الأباطيل والبدع، ولا تعودوا أعراباً منقلبين على أعقابهم، وتمسكوا بحبل الله المتين، محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وإتماماً للفائدة، فإنّنا نفتح المجال للتواصل عبر البريد الالكتروني المدرج في الهامش(6)، فيما لو كان عند أحد من المتصوّفة والعرفاء حجّة تقابل ما ورد في كتابنا هذا، أو عند أحدٍ من القرّاء الأعزاء مِنَ الأفكار ما يرغب بمشاركتنا إياه، فإننا نرحّب بذلك، على أن نعالج ما يصلنا ونتعرّض إليه في الطبعات اللاحقة إن شاء الله تعالى، أو في منشورات أخرى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
محمد مصطفى مصري العاملي
بلدة أنصار، جنوب لبنان
السادس من ذي القعدة 1439 للهجرة
الموافق 20-7-2018 م.